تجمعها لحُرْمَة علومها فَإِن مَرَاتِب الْعُلُوم تترتب على حسب معلوماتها والصنائع تكرم على قدر مصنوعاتها فَهِيَ من فَرَائض الْأَعْيَان وَغَيرهَا إِمَّا فَرَائض الكفايات أَو كالمندوب وَالْمُسْتَحب فَإِن من جهل صفة من صِفَات معلومه لم يعرف الْمَعْلُوم على مَا هُوَ بِهِ وَمن لم يعرف الْبَارِي سُبْحَانَهُ على مَا هُوَ بِهِ لم يسْتَحق اسْم الْإِيمَان وَلَا الْخُرُوج يَوْم الْقِيَامَة من النيرَان
وَقَالَ الإِمَام الْجُوَيْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى رَأَيْت إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْمَنَام فَأَهْوَيْت لِأَن أقبل رجلَيْهِ فَمَنَعَنِي من ذَلِك تكريما لي فاستدبرت فَقبلت عَقِبَيْهِ فَأَوَّلْته الرّفْعَة وَالْبركَة تبقى فِي عَقبي ثمَّ قلت يَا خَلِيل الله مَا تَقول فِي (علم الْكَلَام) فَقَالَ يدْفع بِهِ الشّبَه والأباطيل
وَأحب أَن أنبه إِلَى أَمر هام وَهُوَ أَنهم يعنون بِعلم التَّوْحِيد الْوَاجِب على الْمُسلم تَحْصِيله أَنه لَا يجب على الْمُسلم معرفَة مصطلحات علم التَّوْحِيد أَو الْكَلَام من الصَّانِع والهيولي والجوهر وَالْعرض وأمثالها بل الْمَقْصُود أَنه يجب على الْمُكَلف أَن يعرف الصَّانِع المعبود سُبْحَانَهُ بدلائله الَّتِي نصبها على توحيده سُبْحَانَهُ واستحقاقه جلّ جَلَاله نعوت الربوبية وَالْمَقْصُود حُصُول النّظر وَالِاسْتِدْلَال الْمُؤَدِّي إِلَى معرفَة الله تَعَالَى وَإِنَّمَا اسْتعْمل المتكلمون تِلْكَ الْأَلْفَاظ من الْجَوْهَر وَالْعرض على سَبِيل التَّقْرِيب والتسهيل على المتعلمين وَالسَّلَف الصَّالح وَإِن لم يستعملوا هَذِه الْأَلْفَاظ فَلم يكن فِي معارفهم خلل وَالْخلف الَّذين استعملوا هَذِه الْأَلْفَاظ لم يكن ذَلِك لطريق الْحق مباينة ... وَلَا فِي الدّين بِدعَة كَمَا أَن الْمُتَأَخِّرين من الْفُقَهَاء عَن زمن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم استعملوا أَلْفَاظ الْفُقَهَاء من الْعلَّة والمعلول وَالْقِيَاس ثمَّ لم يكن استعمالهم لذَلِك بِدعَة وَقل مثل ذَلِك فِي الْمُحدثين الَّذين أوجدوا مصطلحات وعناوين مُعينَة فِي رُوَاة الحَدِيث وفنونها من حَيْثُ الْقُوَّة والضعف وَالْقَبُول والرفض وَلم يكن اسْتِعْمَال ذَلِك مِنْهُم بِدعَة مُنكرَة معَاذ الله وَإِنَّمَا هِيَ اصْطِلَاحَات خَاصَّة قَامَت بِكُل فن وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح