للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولتصنع عَليّ على عَيْني {واصنع الْفلك بأعيننا} أَي بمرأى منا وَإِنَّمَا جمع لِأَن عَادَة الْملك أَن يَقُول أمرنَا ونهينا وَقد ذهب القَاضِي أَبُو يعلى إِلَى أَن الْعين صفة زَائِدَة عَن الذَّات وَقد سبقه أَبُو بكر بن خُزَيْمَة صَاحب كتاب التَّوْحِيد وَفِيه طامات فَقَالَ فِي الْآيَة لربنا عينان ينظر بهما وَقَالَ ابْن حَامِد يجب الْإِيمَان بِأَن لَهُ عينين وَهَذَا ابتداع لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أثبتوا عينين من دَلِيل الْخطاب فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ بأعور وَإِنَّمَا أُرِيد نفي النَّقْص عَنهُ تَعَالَى وَمَتى ثَبت أَنه تَعَالَى لَا يتَجَزَّأ لم يكن لما يتخايل من الصِّفَات وجة

قلت وَقَول الشَّيْخ صَالح عينين حقيقيتين قَول مَا جَاءَ بِهِ كتاب وَلَا سنة وَفِيه إِيهَام بالتشبيه والتجسيم تَعَالَى الله جلّ جَلَاله عَن ذَلِك وَلَا يتهم الشَّيْخ صَالح بِلَازِم القَوْل أَنه مشبه

قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد زاهد الكوثري من قَالَ لَهُ عينان ينظر بهما فَهُوَ مشبه قَائِل بالجارحة تَعَالَى الله عَن ذَلِك

ج - وَقَالَ الشَّيْخ صَالح كَذَلِك ونؤمن بِأَنَّهُ تَعَالَى مَعَ خلقه وَهُوَ فَوق عَرْشه يعلم أَحْوَالهم وَيسمع أَقْوَالهم وَيرى أفعالهم وَيُدبر أُمُورهم ويرزق الْفَقِير وَيجْبر الكسير ويؤتي الْملك من يَشَاء وَينْزع الْملك مِمَّن يَشَاء ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَمن هَذَا شَأْنه كَانَ مَعَ خلقه حَقِيقَة وَإِن كَانَ فَوْقهم على عَرْشه حَقِيقَة لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير وَلَا نقُول كَمَا تَقول الحلولية من الْجَهْمِية وَغَيرهم إِن الله مَعَ خلقه فِي الأَرْض

أَقُول ورد ذكر الاسْتوَاء فِي الْقُرْآن الْكَرِيم سِتّ مَرَّات بِلَفْظ اسْتَوَى مثل {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} الْأَعْرَاف {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} طه هَكَذَا بِصِيغَة الْمَاضِي وَلم يَجِيء فِي الْقُرْآن الْكَرِيم وَلَا فِي السّنة الشَّرِيفَة تصريف الْفِعْل الْمَاضِي إِلَى مضارع أَو اسْم فَمَا جَاءَ يَسْتَوِي على الْعَرْش أَو مستو على الْعَرْش وَفرق كَبِير

<<  <   >  >>