للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعض التأويلات في ذلك، وهذا مذهب كثيرين أو الأكثرين من المفسرين في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (١) قالوا معناه: وإنْ من شيء حي إلا يسبح بحمده ثم قالوا: حياة كل شيء بحسبه فحياة الخشب ما لم ييبس، والحجر ما لم يقطع، وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم إلى أنه على عمومه، ثم اختلف هؤلاء هل يسبح حقيقة أو فيه دلالة على الصانع فيكون مسبحًا منزهًا بصورة حاله؟ والمحققون على أنه يسبح حقيقة، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى فقال: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (٢) وإذا كان العقل لا يحيل جعل التمييز فيها وجاء النص به وجب المصير إليه، والله أعلم، ولهذا استحب العلماء رضي الله عنهم قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث، لأنه إذا كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريدة فتلاوة القرآن أولى (٣).

وقال شيخ الإسلام الحافظ العسقلاني أيضًا (٤): وإذا حصلت البركة بتسبيح الجماد فالقرآن الذي هو أشرف الذكر من الآدمي الذي هو اشرف الحيوان أولى بحصول البركة بقراءته، ولاسيما إذا كان القارئ رجلًا صالحًا، انتهى.


(١) سورة الإسراء، الآية: ٤٤.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٧٤.
(٣) شرح النووى على مسلم (٣/ ٢٥٢).
(٤) الإمتاع (ص ٨٦).