للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن بطال (١): إنما خص الجريد بالغرز على القبر دون سائر النبات والثمار لأن النخلة أطول الثمار بقاء فتطول مدة التخفيف عنهما وهي شجرة شبهها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمؤمن، وقيل: إنها شجرة خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام.

قوله: فأتيته بجريدة فشقتا نصفين فوضع في هذا القبر واحدة وفي ذا القبر واحدة، الحديث، قال النووي -قدس الله روحه- قال العلماء رضي الله عنهم (٢): أما وضعه -صلى الله عليه وسلم- الجريدتين على القبر فهو محمول على أنه -صلى الله عليه وسلم- سأل الشفاعة لهما فأجيبت شفاعته -صلى الله عليه وسلم- بالتخفيف عنهما إلى أن ييبسا، وقيل: يحتمل أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يدعو لهما تلك المدة.

قوله: قال: "لعله يخفف عنهما ما كانتارطبتين " لعل هنا بمعنى عسى (٣): ويخفف عنهما أي: العذاب، وفي بعض ألفاظ الحديث: "ما داما رطبتين، ما لم ييبسا" بفتح الموحدة وكسرها لغة أيضًا، والضمير فيه راجع إلى الكسرتين، وفي بعضها "إلى أن ييبسا" وفي بعضها "إلا أن ييبسا" وقيد بقوله: "ما لم ييبسا" لأنه يحتمل أنه أراد بذلك أن الجريدة تسبح ما دامت رطبة لأن النداوة التي فيها كالحياة التي في الحيوان فإذا يبست ذهب تسبيحها، وقيل: لكونهما يسبحان ما دامتا رطبتين وليس لليابس تسبيح، فتحصل البركة بتسبيحهما لصاحب القبر، ولهذا جعل غاية التخفيف جفافهما، وهذا على


(١) شرح الصحيح (٣/ ٣٤٦ - ٣٤٧).
(٢) شرح النووى على مسلم (٣/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٣) شرح المشكاة (٣/ ٧٦٩) للطيبى.