قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأعوذ بك من العجز والكسل" لأن العجز ضعف النفس عن شهود قدرتها على ما يراد والكسل وضعف البدن عن أداء ما وجب على العباد وليس هذا بعجب ممن أوتي جوامع الكلم - صلى الله عليه وسلم - فالعجز أصله التأخر عن الشيء وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة وقيل هو ترك ما يجب فعله والتسويف به والكسل هو التشاغل عن الأمر مع وجود القدرة عليه وقال رحمه اللّه: بعضهم هو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة فيه مع القدرة (عليه).
قوله:"وأعوذ بك من البخل والجبن" والجبن هو بضم الباء وسكونها مصدر الحيار وما أحسن جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعوذه بين البخل والجبن لأن البخل عبارة عن عدم الجود بالمال والجبن عدم السماحة بالنفس في القتال وليس هذا بعجب ممن أوتي جوامع الكلم - صلى الله عليه وسلم - فأما استعاذته - صلى الله عليه وسلم - من البخل والجبن فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات والقيام بحقوق اللّه تعالى وإزالة المنكر والإغلاظ عن العصاة ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات وتقوم بنصر المظلوم والجهاد وبالسلامة من البخل تقوم بحقوق المال وسعة الإنفاق والجود ومكارم الأخلاق وتمنع من الطمع فيما ليس له قال العلماء - رضي الله عنهم - واستعاذته - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأشياء لتكمل صفاته في كل أحواله وشرعه أيضًا تعليما لأمته، وفي هذا الحديث دليل لاستحباب الدعاء والاستعاذة من هذه وأهل الفتاوي في الأمصار في كل الأعصار وذهبت طائفة من الزهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدعاء أفضل استسلاما