الأيادي من أَهْل إشبيلية يكنى أَبَا الْعَلَاء نَشأ بشرق الأندلس وبقايا دَاره بجفن شاطبة لَمْ تزل مَعْرُوفَة بِهِ إِلَى أنَّ تَملكهَا الرّوم وأَجْلَوا عَنْهَا الْمُسلمين وَذَلِكَ فِي رَمَضَان سنة ٦٤٥ ورحل إِلَى قرطبة فلقي بهَا أَبَا عَلِيّ الغساني وَصَحبه وَأخذ عَنْهُ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِصُحْبَة أبي بَكْر بْن مفوز وَأبي جَعْفَر بْن عبد الْعَزِيز ليستفيد مِنْهُمَا وَيَأْخُذ صناعَة الحَدِيث عَنْهُمَا وَسمع من أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَيُّوب الحَدِيث المسلسل فِي الْأَخْذ بِالْيَدِ وَكتب إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد الحريري وَمَال إِلَى عَلَمُ الطِّبّ الَّذِي أَخذه عَنْ أَبِيه فَمَهَر فِيهِ وأنسى من قبله إحاطة بِهِ وحذقًا لمعانيه حَتَّى إِن أَهْل الْمغرب ليفاخرون بِهِ وبأهل بَيته فِي ذَلِكَ وَمن تآليفه كتاب الطرر كُتب عَنْهُ وَكتاب فِي الْأَدْوِيَة لم يكلمهُ وَضعه عَلَى مَا وعد بِهِ رَئِيس الصِّنَاعَة الطبية وَلم يؤلفه وَحل من السّلطان محلا لم يكن لأحدٍ من أَهْل الأندلس فِي وقته وَكَانَت لَهُ رياسة بَلَده ومشاركة ولاته فِي التَّدْبِير وَكَانَ مَعَ إِمَامَته فِي الطِّبّ مقدما فِي الْأَدَب مَعْرُوفا بذلك حُدِّثت عَنِ السِّلَفيّ قَالَ أنشدنا الْفَقِيه أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خيرة القُرْطُبيّ قَدم عَلَيْنَا الْإسْكَنْدَريَّة قَالَ أَنْشدني أَبُو الْعَلَاء زهر بْن عَبْد الْملك بْن زهر بالأندلس لنَفسِهِ
(يَا راشقي بسهام مَا لَهَا غَرَض ... إلاّ الْفُؤَاد وَمَا مِنْهُ لَهَا عوض)
(ومُمْرضي بجفون كلهَا غَنَج ... صحت وَفِي طبعها التمريض وَالْمَرَض)
(جُد لي وَلَو بخيال مِنْك يطرقني ... فقد يسد مسد الْجَوْهَر الْعرض)
وَقد حَدَّثَنَا أَبُو الخَطَّاب بْن وَاجِب عَنْ أبي الْوَلِيد بْن خيرة بِجَمِيعِ رواياته وأنشدت لأبي الْعَلَاء مِمَّا قَالَه فِي الزّهْد وَأمر أنَّ يكْتب على قَبره
(تَرحَّم بِفَضْلِك يَا وَاقِفًا ... وَأبْصر مَكَانا دُفعنا إِلَيْهِ)
(تُرَاب الضريح عَلَى صَفْحَتِي ... كَأَنِّي لَمْ أمش يَوْمًا عَلَيْهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute