سَمِعت أَبَا بكر بن الْجد وناهيك بِهِ من شَاهد فِي هَذَا الْبَاب يَقُول غير مرّة مَا أعلم بالأندلس أحفظ لمَذْهَب مَالك من عبد الْمُنعم بن الْفرس بعد أَبِي عبد الله بن زرقون وبيته عريق فِي الْعلم والنباهة وَله ولأبيه وجده رِوَايَة ودراية وجلالة كَانَ كل وَاحِد مِنْهُم فَقِيها مشاورا وعالما متفننا وَألف كتابا فِي أَحْكَام الْقُرْآن جليل الْفَائِدَة من أحسن مَا وضع فِي ذَلِك قد رَأَيْته ورويته عَن بعض أَصْحَابه وَله فِي الْأَبْنِيَة مَجْمُوع مُفِيد حدَّث عَنْهُ جلة من شُيُوخنَا وأكابر أَصْحَابنا وَغَيرهم وَسَماهُ أَبُو عبد الله التجِيبِي فِي مشيخته وَقَالَ لَقيته بمرسية فِي سنة ٥٦٦ وَقت رحلتي إِلَى أَبِيهِ وَرَأَيْت من حفظه وذكائه وتفننه فِي الْعُلُوم مَا عجبت مِنْهُ وَكَانَ يحضر مَعنا التدريس وَالْإِلْقَاء عِنْد أَبِيهِ فَإِذا تكلم أنصت الْحَاضِرُونَ لجودة مَا ينصه وإتقانه واستيفائه لجَمِيع مَا يجب أَن يذكر فِي الْوَقْت وَكَانَ نحيف الْجِسْم كثيف الْمعرفَة عظيمها شَاعِرًا مطبوعا وأنشدني كثيرا من شعره واضطرب فِي رِوَايَته قبل مَوته بِيَسِير لاختلال أَصَابَهُ فِي صدر سنة ٥٩٥ مَعَ عِلّة خدر طاولته فَترك الْأَخْذ عَنهُ إِلَى أَن توفّي وَهُوَ عَليّ تِلْكَ الْحَال عِنْد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْأَحَد الرَّابِع من جمادي الآخرى سنة ٥٩٧ وَدفن خَارج بَاب البيرة وَحضر جنَازَته بشر كثير وَكسر النَّاس نعشه وتقسموه ومولده سنة ٥٢٤ كَذَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَان بن حوط الله وَأَبُو الْقَاسِم بن فرقد وَغَيرهمَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَر بن الدَّلال مولده سنة خمس وَعشْرين على مَا أخبرهُ بِهِ ابْنه أَبُو يحيى عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمُنعم وَقَالَ ابْن سَالم مولده آخر سنة ٥٢٥ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن الْقُرْطُبِيّ وَحكى أَنه أخبرهُ بذلك
٣١١ - عبد الْمُنعم بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن الضَّحَّاك الْفَزارِيّ من أهل غرناطة يكنى أَبَا مُحَمَّد روى عَنْ أبي الْحَسَن شُرَيْح بن مُحَمَّد أجَاز لَهُ وَعَن غَيره