للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرْعُفُ فَيَخْرُجُ فَيَغْسِلُ الدَّمَ عَنْهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَلَّى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ رَعَفَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَتَى حُجْرَةَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى عَلَى مَا قَدْ صَلَّى) .

الْعَمَلُ فِي الرُّعَافِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَرْعُفُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الدَّمُ حَتَّى تَخْتَضِبَ أَصَابِعُهُ مِنْ الدَّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ) .

ــ

[المنتقى]

صَلَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّ إتْيَانَهُ فَضِيلَةٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّاعِفَ يَرْجِعُ مَا دَامَ إمَامُهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ صَلَاتِهِ مِنْ تَشَهُّدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إنْ رَجَا أَنْ يُدْرِكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً وَإِلَّا صَلَّى مَكَانَهُ.

(ش) : وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَعَفَ فَخَرَجَ فَغَسَلَ عَنْهُ الدَّمَ إخْبَارٌ وَتَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الرُّعَافِ وَأَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى خَرَجَ عَنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ أَتَى حُجْرَةَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْمَوَاضِعِ إلَى مُصَلَّاهُ مِمَّا يُمْكِنُهُ فِيهِ غَسْلُ الدَّمِ لِأَنَّ الرَّاعِفَ إنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ لَهُ الَّتِي يُمْكِنُهُ فِيهَا غَسْلُ الدَّمِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ فِيهِ فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ عَلَى حَسَبِ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَبَنَى عَلَى مَا قَدْ صَلَّى يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ مَا بَنَى عَلَيْهِ.

[الْعَمَلُ فِي الرُّعَافِ]

(ش) : قَوْلُهُ يَرْعُفُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الدَّمُ حَتَّى تَخْتَضِبَ أَصَابِعُهُ ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَضِبُ أَصَابِعُهُ كُلُّهَا وَهَذَا فِي حَيِّزِ الدَّمِ الْكَثِيرِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْأَنَامِلَ الْعُلْيَا مِنْ أَصَابِعِ يَدِهِ وَإِنَّ ذَلِكَ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَالرُّعَافُ عَلَى ضَرْبَيْنِ قَلِيلٌ وَكَثِيرٌ فَأَمَّا الْكَثِيرُ فَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ الرَّاعِفُ إلَى غَسْلِهِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَأَمَّا الْقَلِيلُ فَإِنَّهُ يَفْتِلُهُ بِأَصَابِعِهِ حَتَّى يَجِفَّ وَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الْبَثْرَةِ يَحُكُّهَا فِي الصَّلَاةِ فَيَخْرُجُ مِنْهَا يَسِيرُ الدَّمِ فَإِنَّهُ يَفْتِلهُ بِأَصَابِعِهِ حَتَّى يَجِفَّ وَيَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

(فَرْعٌ) وَالْكَثِيرُ أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] فَإِنْ لَمْ يَسِلْ وَلَمْ يَقْطُرْ وَإِنَّمَا كَانَ يَرْشَحُ مِنْ أَنْفِهِ فَإِنَّهُ يَفْتِلُهُ بِأَصَابِعِهِ فَإِنَّ عَمَّ أَنَامِلَهُ الْأَرْبَعَةَ الْعُلْيَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَسِيرٌ لَا يَنْصَرِفُ مِنْهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْأَنَامِلِ الَّتِي تَلِيهَا فَلْيَنْصَرِفْ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْهُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ نَحْوُهُ وَمَعْنَى انْصِرَافِهِ فِي هَذَا قَطْعُ صَلَاتِهِ وَاسْتِئْنَافُهُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ لِأَنَّهُ حَامِلُ نَجَاسَةٍ فِي خُرُوجِهِ فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ صَلَاتُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا مَعْنَيَيْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَقْصِدُ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الدِّمَاءِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ وُضُوءَ حَدَثٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَنْ يَقُولُ أَنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ الْجَسَدِ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْقُضُهَا الْكَثِيرُ الَّذِي يَسِيلُ فَأَمَّا الرَّشْحُ فَلَا يَنْقُضُهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُرِيدَ بِهِ وَلَا يَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ الْخَارِجَ مِنْ أَنْفِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ أَنَّهُ رَأَى سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَخْرُجُ مِنْ أَنْفِهِ الدَّمُ حَتَّى تَخْتَضِبَ أَصَابِعُهُ ثُمَّ يَفْتِلَهُ ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ) ش قَوْلُهُ ثُمَّ يَفْتِلُهُ يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>