للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِئِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنْ اللَّيْلِ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ أَوْ كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْت أَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ حِبَّانَ جَالِسَيْنِ فَدَعَا مُحَمَّدٌ رَجُلًا فَقَالَ أَخْبَرَنِي مَا الَّذِي سَمِعْت مِنْ أَبِيك فَقَالَ الرَّجُلُ أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ أَتَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ كَيْف تَرَى فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي سَبْعٍ قَالَ زَيْدٌ حَسَنٌ وَلَأَنْ أَقْرَأَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ أَوْ عِشْرِينَ أَحَبُّ إلَيَّ وَسَلْنِي لِمَ ذَاكَ قَالَ فَإِنِّي أَسْأَلُك قَالَ زَيْدٌ لِكَيْ أَتَدَبَّرَهُ وَأَقِفَ عَلَيْهِ) .

مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِئِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ «عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا وَكَانَ

ــ

[المنتقى]

لَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ أَبُو مَرْيَمَ أَنْكَرَ عَلَى عُمَرَ لَمَّا كَانَ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتْرُكَ الْأَفْضَلَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْخُذُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ بِالْأَيْسَرِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفٌ لِلْعِبَادَةِ وَرِفْقٌ بِالنَّاسِ فِي اسْتِدَامَتِهَا مَعَ أَنَّ لَفْظَ أَبِي مَرْيَمَ ظَاهِرُهُ الْإِنْكَارُ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ دُونَ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطَّرِيقِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَمَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ لِمَنْ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي الطَّرِيقِ فَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ.

[مَا جَاءَ فِي تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ]

(ش) : قَوْلُهُ مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنْ اللَّيْلِ الْحِزْبُ هُوَ الْجُزْءُ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي هَذَا تَجْرِئَةُ الْقُرْآنِ وَتَحْزِيبُهُ أَحْزَابًا عَلَى قَدْرِ قُوَّةِ الْمُكَلَّفِ يَقْرَأُ فِي سَبْعٍ أَوْ عَشْرٍ أَوْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ نَرَى أَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الرُّوَاةِ إنَّمَا رَوَوْهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مَنْ قَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنْ اللَّيْلِ فَذَكَرَهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يُصَلِّيهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَلَاةِ الظُّهْرِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَقْتٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ فِعْلُهُ وَالْإِتْيَانُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ كَيْفَ تَرَى فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي سَبْعِ لَيَالٍ فَقَالَ زَيْدٌ حَسَنٌ وَزَادَ عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِ بِمَا فِيهِ بَيَانُ وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَالتَّدَبُّرُ لَهُ وَأَنَّ قِرَاءَةَ الْقَلِيلِ مَعَ ذَلِكَ أَفْضَلُ عِنْدَهُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكَثِيرِ دُونَ تَدَبُّرٍ وَلَا وُقُوفٍ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي التَّرْتِيلِ وَالْهَذِّ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى تَفْضِيلِ التَّرْتِيلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: ٤] وَكَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْصُوفَةً بِذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ «وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا» وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْهَذِّ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ مِنْ النَّاسِ مَنْ إذَا هَذَّ كَانَ أَخَفَّ عَلَيْهِ وَإِذَا رَتَّلَ أَخْطَأَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَهُذُّ وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَخِفُّ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ وَاسِعٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ إنْسَانٍ مُلَازَمَةُ مَا يُوَافِقُ طَبْعَهُ وَيُخِفُّ عَلَيْهِ فَرُبَّمَا تَكَلَّفَ مَا يُخَالِفُ طَبْعَهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَقْطَعُهُ ذَلِكَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَفْضِيلِ التَّرْتِيلِ لِمَنْ تَسَاوَى فِي حَالِهِ الْأَمْرَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>