للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَإِنَّ الْأَرْضَ تُورَثُ عَنْهُمْ وَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَهْلَ الصُّلْحِ يُورَثُونَ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُمْ يُورَثُونَ فَإِنَّ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَارِثًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا كَانَتْ الْجِزْيَةُ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَدَّعِ وَارِثًا فَأَرْضُهُ وَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ فَمِيرَاثُهُ لِأَهْلِ خَرَاجِهِ وَلَا يَضَعُ عَنْهُمْ مَوْتُهُ شَيْئًا مِنْ خَرَاجِهِ وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ قَائِمٌ عَلَيْهِمْ.

فَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَهْلِ الصُّلْحِ إذَا قُوطِعُوا عَلَى شَيْءٍ يَكُونُ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ فَهَؤُلَاءِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِأَهْلِ خَرَاجِهِ لِأَنَّ مَوْتَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُمْ شَيْئًا مِمَّا الْتَزَمُوهُ وَإِنَّمَا كَانُوا الْتَزَمُوهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَمَالُ هَذَا الْمُتَوَفَّى وَأَمَّا إذَا كَانَ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ جِزْيَةً عَلَى جَمَاجِمِهِمْ فَإِنَّ مَا تَرَكَ مِنْ مَالٍ لَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ نَفْسَهُ بِالْعَقْدِ بِمَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ الْأَدَاءِ عَلَى مَا كَانَ يَخُصُّهُ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا مَاتَ سَقَطَ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْخَرَاجِ وَلَمْ يَتْبَعْ بِهِ أَحَدٌ مِمَّنْ صَالَحَ مَعَهُ فَلِذَلِكَ كَانَ مَالُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ كَيْفَ يَعْرِفُ مَنْ لَهُ وَرَثَةٌ مِمَّنْ لَا وَرَثَةَ لَهُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ مَوَارِيثَهُمْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ إلَى أَهْلِ دِينِهِمْ وَأَسَاقِفَتِهِمْ فَإِنْ قَالُوا يَرِثُهُ مَنْ يَذْكُرُونَ مِنْ ذِي رَحِمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ سُلِّمَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَإِنْ قَالُوا لَا وَلَدَ لَهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ طَرِيقَ هَذَا الْخَبَرِ عَمَّا يَنْفَرِدُونَ بِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَفِي مِثْلِ هَذَا تُقْبَلُ أَقْوَالُهُمْ كَإِخْبَارِهِمْ عَمَّا يَعْلَمُونَهُ مِنْ الْأَدْوَاءِ وَتَرْجَمَتِهِمْ عَنْ الْأَلْسِنَةِ الَّتِي لَا نَعْرِفُهَا وَمِثْلُ هَذَا يُحْكَمُ فِيهِ بِقَوْلِهِمْ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَيْهِمْ.

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ أَمْوَال أَهْل الذِّمَّة إذَا أَسْلَمُوا] ١

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ أَمْوَالِهِمْ إذَا أَسْلَمُوا) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا كَانَتْ جِزْيَةُ الصُّلْحِ عَلَى جُمْلَتِهِمْ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ لَمْ تُمْلَكْ أَرْضُهُ وَإِنَّمَا يُمْلَكُ مَالُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ ثُمَّ أَسْلَمَ فَأَرْضُهُ لَهُ وَمَالُهُ لَهُ دُونَ جِزْيَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى جُمْلَتِهِمْ أَوْ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ أَوْ عَلَى مُبَذِّرِ أَرْضِهِمْ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يُسْقِطُ عَنْهُمْ ذَلِكَ كُلَّهُ وَالْخِلَافُ فِيهِ وَالتَّوْجِيهُ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَأَمَّا مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ لَمْ يُؤَدِّهِ فَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَالَ إسْلَامِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَمَّا أَهْلُ الْعَنْوَةِ الَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فَإِنَّ أَرْضَهُ وَمَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعَنْوَةِ وَهُمْ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ إنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَا يُحْرَزُ مَالُهُ وَلَا أَرْضُهُ وَيَصِيرُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَرْضُهُ الْأَرْضُ الَّتِي بِيَدِهِ فَأَضَافَهَا إلَيْهِ لِعَمَلِهِ فِيهَا وَلَوْ كَانَتْ أَرْضًا اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْعَنْوَةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَالِهِ عِنْدِي وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا تُقَسَّمُ وَتَبْقَى لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَأْيِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَأَرْضِ الْعِرَاقِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ مَالِكٌ مَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: ٨] ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>