للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ (ص) : (الْقَضَاءُ فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ) (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ أَنَّ عَلَى الَّذِي أَصَابَهَا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا) .

(ص) : (قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الْجَمَلِ يَصُولُ عَلَى الرَّجُلِ فَيَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يَعْقِرُهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ وَصَالَ عَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَّا مَقَالَتُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْجَمَلِ)

ــ

[المنتقى]

الْحَدِيثِ لَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ يَغْرَمَ الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ يَوْمَ يَأْخُذُهُ ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى ظَاهِرَ حَدِيثِ عُمَرَ فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ عَلَى الْجَانِي قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عُمَرُ إنَّمَا أَضْعَفَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُزَنِيّ ادَّعَى لِنَفْسِهِ قِيمَةَ نَاقَةٍ فِي بَلَدٍ، أَوْ زَمَنٍ غَيْرِ الْبَلَدِ وَالزَّمَنِ الَّتِي سُرِقَتْ بِهِ وَالْقِيمَةُ تَتَضَاعَفُ فِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ قِيمَةُ الْبَعِيرِ يَوْمَ أَخْذِهِ يُرِيدُ أَنَّ قِيمَتَهُ إنْ زَادَتْ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ صَاحِبُهَا قِيمَتَهُ بِتَغْيِيرِ الْأَسْوَاقِ بِانْتِقَالِ زَمَنٍ، أَوْ بِنَقْلِهِ إلَى مَكَان فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَهُ، وَلَوْ نَقَصَتْ لَكَانَ النُّقْصَانُ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ رَأَيْت لِابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ ثَمَنِ نَاقَتِهِ فَأَضْعَفَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُصَادِفَ تَضْعِيفَ الْقِيمَةِ قِيمَتُهَا الْيَوْمَ قَالَ غَيْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ بَعْدَهُ لَمْ يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ، وَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَتَرَكَ وَعُلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا إلَّا لِأَمْرٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ يَوْمَ أَخْذِهِ يُرِيدُ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنْ نَقْصٍ فِي ضَمَانِ مَنْ أَخَذَهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُ نَقْصٌ ثُمَّ هَلَكَ ضَمِنَهُ الْآخِذُ سَالِمًا مِنْ النَّقْصِ، وَإِنْ وَجَدَهُ نَاقِصًا فَعَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ مُرَاعَاةِ النَّقْصِ إنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ الْآخِذِ، أَوْ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ زَادَ عِنْدَ الْمُعْتَدِي فَوَجَدَهُ صَاحِبُهُ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ بِزِيَادَتِهِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَخْذِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[الْقَضَاءُ فِيمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ: إنَّ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْبَهَائِمِ فَنَقَصَتْهَا جِنَايَتُهُ نَقْصًا لَمْ يَمْنَعْ مَنْفَعَتَهَا الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَذَلِكَ أَنْ تَسَاوِيَ سَالِمَةً عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَتَسَاوِيَ بِالْجِنَايَةِ ثَمَانِيَةً فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَذَلِكَ خُمُسُ قِيمَتِهَا، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَتْلَفْ مَنْفَعَتُهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا فَإِنْ أَتْلَفَتْ مَنْفَعَتُهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا مَنْ عَمِلَ بِهَا، أَوْ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْهَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ وَالْبَقَرَةِ رُبْعُ ثَمَنِهَا وَفِي شَاةِ الْقَصَّابِ مَا نَقَصَهَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي اسْتِهْلَاكِ الْحَيَوَانِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّ مَنْ صَالَ عَلَيْهِ جَمَلٌ أَوْ دَابَّةٌ فَقَتَلَهَا، أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قَدْ خَافَهَا عَلَى نَفْسِهِ أَنْ تَقْتُلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ هُوَ ضَامِنٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَخُوفًا عَلَى نَفْسِهِ دَفْعًا لَهُ عَنْهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ كَالْعَبْدِ يُرِيدُ قَتْلَ الْحُرِّ فَيَقْتُلُهُ الْحُرُّ دَفْعًا لَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ الْجَمَلِ إذَا صَالَ فَقَتَلَ، أَوْ عَضَّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَالنَّاسِ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ مِنْهُ، أَوْ يَكُونَ قَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى شُهِرَ بِذَلِكَ وَخِيفَ مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَتَقَدَّمَ إلَيْهِ السُّلْطَانُ فِيهِ فَإِذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي الْبَعِيرِ أَوْ الدَّابَّةِ ضَمِنَ مَا أَفْسَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَضْمَنُ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَقَدَّمَ إلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي إزَالَتِهِ، أَوْ جِيرَانِهِ فَهُوَ حُكْمٌ عَلَيْهِ بِضَمَانِ مَا يُتْلِفُهُ فَلَزِمَهُ بِذَلِكَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اتِّخَاذَهُ مُبَاحٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ اتِّخَاذُهُ مُبَاحًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>