للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

حَاجَةٍ وَأَعَمُّ وَقْتَ عَقْدِ التَّحْبِيسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ حَبَسَ ذِمِّيٌّ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ بَعَثَتْ دِينَارًا إلَى الْكَعْبَةِ أَيُجْعَلُ فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: يُرَدُّ إلَيْهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ أَمْوَالٌ هِيَ أَطْهَرُ الْأَمْوَالِ وَأَطْيَبُهَا وَأَمْوَالُ الْكُفَّارِ أَبْعَدُ الْأَمْوَالِ عَنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ أَنْ تُنَزَّهَ عَنْهَا الْمَسَاجِدُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ حَبَسَ مُسْلِمٌ عَلَى كَنِيسَةٍ فَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَفَ صَدَقَتَهُ إلَى وَجْهِ مَعْصِيَةٍ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَإِعْطَائِهِ أَهْلِ الْفِسْقِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

رَوَى عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ إخْرَاجَ الْبَنَاتِ مِنْ الْحَبْسِ إذَا زُوِّجْنَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْبَنِينَ بِالْعَطَاءِ لَا سِيَّمَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ فِعْلِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَاحْتَجَّتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: ١٣٩] .

(فَرْعٌ) فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الشَّأْنُ أَنْ يَبْطُلَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَمَنْ أَخْرَجَهُنَّ عَنْهُ بَطَلَ تَحْبِيسُهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْهُنَّ بَطَلَ حَقُّهَا إلَّا أَنْ يَرُدَّهَا رَادٌّ وَيَنْقُصُ ذَلِكَ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَى الْفَرَائِضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَى إنْ فَاتَ ذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ عَلَى مَا شَرَطَ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَجُزْ عَنْهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ الْبَنَاتُ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِسَحْنُونٍ وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ بَعْضَ بَنِيهِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَإِنْ نَقَصَ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمُحْبِسُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ كِبَارٌ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُفْسَخْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي دُخُولِ الْعَقِبِ مَعَ الْمُعْطِي]

(الْبَابُ الثَّالِثُ فِي دُخُولِ الْعَقِبِ مَعَ الْمُعْطِي) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ» ، وَذَلِكَ أَنَّ إعْطَاءَ الْمَنَافِعِ فِي الْعُمْرَى، أَوْ الْحَبْسِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ أَوْ لِمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِ مُعَيَّنِينَ فَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِينَ فَكَمَنْ قَالَ أَعْمَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ وَلَدَ فُلَانٍ أَوْ عَقِبَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ دَارًا فَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ فَإِنَّهُمْ مَعَ الْآبَاءِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي يَبْدَأُ بِالْآبَاءِ فَيُوَرَّثُونَ، وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ كَانَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَانَ مَالِكٌ يُؤْثِرُ الْأَعْلَيْنَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ يُسَوُّونَ بَيْنَهُمْ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَكُونُ الْأَبُ أَوْلَى مَعَ اسْتِوَاءِ الْحَاجَةِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] فَكَانَ وَلَدُ الْوَلَدِ كَالْوَلَدِ فِي ذَلِكَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمْ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَوْا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ شَأْنَ الْأَحْبَاسِ أَنْ يُؤْثِرَ أَقْرَبَهُمْ مِنْ الْمُحْبِسِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَحْتَجَّ بِالْآيَةِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْآبَاءَ يَبْدَءُونَ فِي الْمِيرَاثِ قَوْلُهُ: وَلَدِي يَتَعَدَّى إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَتَمَامُ قَوْلِهِ هَذَا أَنْ يَقُولَ الْقَائِلِينَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَالَ وَلَدِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ مَنْ يَكُونُ مِنْ وَلَدِهِ مَا تَنَاسَلُوا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَلَدُ وَلَدِي وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا قَالَ قُلْنَا يُؤْثِرُ الْأَقْرَبَ فِي قَوْلِهِ وَلَدِي فَبِأَنْ يُؤْثِرَ هَاهُنَا الْأَقْرَبَ أَوْلَى وَإِذَا قُلْنَا قَوْلُهُ وَلَدِي فَقَدْ تَقَدَّمَ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ حَبَسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَعْقَابِهِمْ ثُمَّ بَقِيَ بَنُوهُ وَبَنُو بَنِيهِ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ مَعَ اسْتِوَاءِ الْحَالِ.

(فَرْعٌ) بَيْنَ الْأَعْلَوْنَ فَإِنَّ ذَلِكَ تَسَاوِي حَالٍ فِي الْحَاجَةِ يَبْدَأُ الْأَعْلَوْنَ وَيُعْطَى مَا فَضَلَ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ فِي وَلَدٍ أُوثِرُوا وَيَكُونُ الْأَبُ مَعَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>