للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْحَجِّ فَقَالَ: أَوَيَصْنَعُ ذَلِكَ أَحَدٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ) .

(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ: هَلْ يَحْتَشُّ الرَّجُلُ لِدَابَّتِهِ مِنْ الْحَرَمِ شَيْئًا فَقَالَ: لَا) .

حَجُّ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّرُورَةِ مِنْ النِّسَاءِ الَّتِي لَمْ تَحُجَّ قَطُّ: إنَّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذُو مَحْرَمٍ يَخْرُجُ مَعَهَا أَوْ كَانَ لَهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي الْحَجِّ وَلْتَخْرُجْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ) .

ــ

[المنتقى]

فَلَمَّا رَآهُ أَبُو ذَرٍّ عَرَفَهُ وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَا كَانَ أَخْبَرَهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَأْتَنِفُ الْعَمَلَ مَنْ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ لَا يُخْرِجُهُ غَيْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ هُوَ الَّذِي حَدَّثْتُك تَذْكِيرٌ لَهُ بِمَا جَرَى وَثَبَاتٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَحْقِيقُ الْأَمْرِ عِنْدَهُ وَتَغْبِيطٌ لَهُ بِتَكَرُّرِهِ عَلَى ذَلِكَ الْحَجِّ إنْ كَانَ ذَاكَ بِمَكَّةَ.

(ش) : قَوْلُهُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْحَجِّ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَتَحَلَّلَ حَيْثُ أَصَابَهُ مَانِعٌ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنْ لَا يَحْتَشَّ أَحَدٌ فِي الْحَرَمِ لِدَابَّتِهِ وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا الْإِذْخِرَ الَّذِي أَبَاحَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاحْتِشَاشُ جَمْعُ الْحَشِيشِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَّةَ: «لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَالْخَلَى مَا يَبِسَ مِنْ النَّبْتِ وَالْحَشِيشِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ: إلَّا الْإِذْخِرَ» وَقَدْ قِيسَ عَلَيْهِ السَّنَا لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ إلَيْهِ كَالْإِذْخِرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ احْتَشَّ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْعَى الْإِبِلَ فِي الْحَرَمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاحْتِشَاشِ أَنَّ الِاحْتِشَاشَ تَنَاوُلُ قِطَعِ الْحَشِيشِ وَإِرْسَالِ الْبَهَائِمِ لِلرَّعْيِ لَيْسَ بِتَنَاوُلٍ لِذَلِكَ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلَوْ مُنِعَ مِنْهُ لَامْتَنَعَ السَّفَرُ فِي الْحَرَمِ وَالْمَقَامُ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَالتَّحَرُّزِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[حَجُّ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ الْحَجِّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ بِعَدَمِ ذِي مَحْرَمٍ يَخْرُج مَعَهَا وَإِذَا وَجَدَتْ جَمَاعَةَ نِسَاءٍ يَخْرُجْنَ خَرَجَتْ مَعَهُنَّ وَلَزِمَهَا ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَخْرُجُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] وَهَذَا عَامٌّ فِي الَّتِي تَجِدُ ذَا مَحْرَمٍ وَفِي الَّتِي تَعْدَمُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ مَسَافَةٌ يَجِبُ قَطْعُهَا فَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ قَطْعِهَا وُجُودُ ذِي رَحِمٍ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ لَيْلَتَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا حُكْمُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ وَأَمَّا حَجَّةُ التَّطَوُّعِ مِنْهُ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَخْرُجُ فِيهِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ خِلَافُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ وَالْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا» وَهَذَا سَفَرٌ غَيْرُ وَاجِبٍ فَلَمْ تَخْرُجْ إلَيْهِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَصْلُ ذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْفَارِ الَّتِي لَا تَجِبُ وَلَا تُؤْمَنُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا ابْنُ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي مَا ثَبَتَ لِلرَّبَائِبِ مِنْ الْعَدَاوَاتِ وَقِلَّةِ الْمُرَاعَاةِ فِي الْأَغْلَبِ فَلَا يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ الْإِشْفَاقُ وَالسَّتْرُ وَالْحِرْصُ عَلَى طِيبِ الذِّكْرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ وَالْعَدَدِ الْيَسِيرِ فَأَمَّا الْقَوَافِلُ الْعَظِيمَةُ وَالطُّرُقُ الْمُشْتَرَكَةُ الْعَامِرَةُ الْمَأْمُونَةُ فَإِنَّهَا عِنْدِي مِثْلُ الْبِلَادِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ وَالتُّجَّارُ فَإِنَّ الْأَمْنَ يَحْصُلُ لَهَا دُونَ ذِي مَحْرَمٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>