للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

مِنْ السَّلَامَةِ، وَلِذَلِكَ مُنِعَ مِنْ الْبَرَاءَةِ مِنْ ثَلَاثٍ فِي عِلَلِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحَمْلِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ لَمَّا كَثُرَ الْغَرَرُ وَمَنَعَ الْمُغِيرَةُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْبَرَاءَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ مِنْ عُيُوبِ الرَّقِيقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ يُتْبَعُ بِالْبَرَاءَةِ مَنْ لَا يَعْلَمُ حَالَ الْمَبِيعِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعَ مِنْهُ، وَرَوَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ التَّخْفِيفَ فِيهِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَصَدَ إلَى التَّدْلِيسِ حِينَ لَمْ يُشْرِفْ عَلَى حَالِ الْمَبِيعِ، وَقَدْ تَوَقَّعَ عُيُوبًا فَأَرَادَ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهَا لِلتَّدْلِيسِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا بَائِعٌ لِلْبَرَاءَةِ فَلَمْ يَمْنَع مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِحَالِ الْمَبِيعِ كَالْوَارِثِ وَالسُّلْطَانِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَازِمٌ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ، وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَبِرْ الْعَبْدَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، وَإِنْ بَطَلَ هُوَ فِي نَفْسِهِ فَهَذَا لَمَّا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الشَّرْطُ عَلَى وَجْهِ التَّدْلِيسِ كَمَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَاشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ.

[بَيْع الْبَرَاءَة وَفِيهِ أَبْوَاب] ١

(مَسْأَلَةٌ) وَلَا يَبْرَأُ الْبَائِعُ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا عَلِمَ مِنْ الْعُيُوبِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِهِ عَيْبًا، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ الرَّدُّ بِمَا عَلِمَ لَمْ تَلْزَمْ هَذِهِ الْيَمِينُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا عَيْبٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ بِهِ فَثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَوْ لَمْ يُبَعْ بِالْبَرَاءَةِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ أَحَدُهَا فِي تَبْيِينِ مَحَلِّهَا مِنْ الْعُقُودِ وَالثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَحَلِّهَا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ فِيمَنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَالرَّابِعُ فِي تَبْيِينِ مَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الْعُيُوبِ وَالْخَامِسُ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ عَقْدِ الْبَيْعِ بِالْبَرَاءَةِ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَحَلِّ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُقُودِ] ١

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَبْيِينِ مَحَلِّ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُقُودِ) لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ وَلَا ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْبُيُوعِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهَا تَصِحُّ فِي كُلِّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا التَّمَاثُلُ، فَمَا كَانَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ التَّمَاثُلُ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْبَرَاءَةُ كَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ فِي الْقَرْضِ وَالْقَضَاءِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا يُنَافِي التَّمَاثُلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ الْعُيُوبِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِي فَلَمْ يُعْلَمْ التَّمَاثُلُ، وَالْجَهْلُ بِالتَّفَاضُلِ فِيمَا يُنَافِيه التَّفَاضُلُ كَالْعِلْمِ بِهِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَحَلِّهَا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي تَبْيِينِ مَحَلِّهَا مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) الْمَبِيعُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ رَقِيقٌ وَحَيَوَانٌ صَامِتٌ وَعُرُوضٌ، فَأَمَّا الرَّقِيقُ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهِ بِالْبَرَاءَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّقِيقَ يَكْتُمُ عُيُوبَهُ وَلَا يُظْهِرُهَا سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَرَغْبَةً فِي بَقَائِهِ فِي مَحَلِّهِ فَكَانَ ذَلِكَ مُقَوِّيًا لَمَا يَدَّعِيه الْبَائِعُ مِنْ اسْتِوَاءِ عِلْمِهِ بِهِ وَعِلْمِ الْمُبْتَاعِ وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مَبْنِيٌّ عَلَى عِلْمِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ وَتَدْلِيسِهِ، وَمَا اسْتَوَى فِيهِ عِلْمُ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الرَّدِّ بِهِ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا، فَإِنْ قِيلَ تَارَةً يَسْتَدِلُّونَ بِكِتْمَانِهِ عَلَى صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَتَارَةً يَسْتَدِلُّونَ بِإِخْبَارِهِ عَلَى الْعُهْدَةِ وَهُمَا عِلْمَانِ مُتَضَادَّانِ وَحُكْمَانِ مُتَنَافِيَانِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ عِلْمَانِ مُتَضَادَّانِ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي ثُبُوتِ الْعُهْدَةِ جَوَازَ إخْبَارِهِ فَيَجِبُ نَفْيُ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ مُنَافٍ لَهَا وَيَبْطُلُ حُكْمُهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُتَبَايِنَانِ مِنْ الرَّقِيقِ - الْكِتْمَانِ وَالْإِخْبَارِ -، وَهَذَا شَاهِدٌ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ وَلَا إنْكَارُهُ فَلَمَّا أَمْكَنَ إخْبَارُهُ أَثْبَتْنَا فِيهِ الْعُهْدَةَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَمَا أَثْبَتْنَا لِلْمُبْتَاعِ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَهُ الْبَائِعُ مِنْ الْعُيُوبِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْبَرَاءَةُ لِمَنْ اشْتَرَطَهَا إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِعَيْبٍ وَلَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِيهِ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>