للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ حَمَّالُ لَحْمٍ فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرَمْنَا إلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ، أَوْ ابْنِ عَمِّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠] ) .

ــ

[المنتقى]

وَهِيَ الَّتِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْلُوَ مَعَ الرَّجُلِ مِمَّنْ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حُرْمَةٌ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْت الْحَمْوَ قَالَ الْحَمْوُ الْمَوْتُ» قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: الْحَمْوُ أَخُو الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُ.

[مَا جَاءَ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ]

(ش) : قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ اللَّحْمِ وَيُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إيَّاكُمْ وَالْإِكْثَارَ مِنْهُ وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يُجْتَزَى بِشَيْءٍ مِنْ الْأُدْمِ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَأْكُلُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَيُؤْكَلُ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً يُرِيدُ عَادَةً تَدْعُو إلَيْهِ وَيَشُقُّ تَرْكُهَا لِمَنْ أَلِفَهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْعَ التَّنْعِيمِ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى أَكْلِ اللَّحْمِ وَبِكُلِّ مَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ وَنَدَبَ إلَى الِاقْتِصَادِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى أَيْسَرِ الْأَقْوَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ حَمَّالُ لَحْمٍ فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالَ: قَرَمْنَا إلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْت بِدِرْهَمٍ لَحْمًا فَقَالَ عُمَرُ أَمَا يُرِيدُ أَنْ يَطْوِيَ أَحَدُكُمْ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ فَيَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ شِدَّةٍ عَمَّتْ النَّاسَ فَكَرِهَ لَهُ التَّنَعُّمَ بِأَكْلِ اللَّحْمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَرَادَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا امْتَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَكْلِ السَّمْنِ حَتَّى يَعُمَّ النَّاسَ الْخِصْبُ وَيَعُودَ بِفَضْلِ قُوتِهِ عَلَى جِيرَانِهِ وَبَنِي عَمِّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ لِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَلَيْسَ مَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ مَعْنَاهُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ شِبَعِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى عَنْ جَارِهِ عِنْدِي مِنْ أَجْلِ جَارِهِ وَابْنِ عَمِّهِ فَيُشَارِكُهُ فِي قُوتِهِ لِيَعُودَ عَلَيْهِ بِفَضْلِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ يُرِيدُ أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ فَلَا تَعْتَبِرُونَ بِهَا وَلَا تَمْتَنِعُوا عَمَّا عَابَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠] فَعَابَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَوَبَّخَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَمَعْنَى الْآيَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّكُمْ اسْتَوْفَيْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ وَاسْتَوْعَبْتُمُوهُ اوَلَمْ تَتْرُكُوا شَيْئًا مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى بَلْ اسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا وَقَطَعْتُمْ بِهَا أَعْمَارَكُمْ دُونَ أَنْ تَقْطَعُوهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَشْغَلْتُمْ بِهَا أَنْفُسَكُمْ عَنْ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَرِهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى اللَّحْمَ بَعْدَ أَنْ قَرَمَ هُوَ وَأَهْلُهُ إلَيْهِ اتِّبَاعَ شَهْوَتِهِ وَإِيثَارَهَا عَلَى مُوَاسَاةِ الْجَارِ وَابْنِ الْعَمِّ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ شِئْت لَكُنْت مِنْ أَلْيَنِكُمْ طَعَامًا وَأَرَقِّكُمْ عَيْشًا وَإِنِّي - وَاَللَّهِ - مَا أَجْهَلُ كَذَا وَكَذَا وَأَسْنِمَةٌ وَصْلًا وَصْلًا وَيَوَدُّ مَنَابًا مَا وَلَكِنِّي سَمِعْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَيَّرَ قَوْمًا بِأَمْرٍ فَعَلُوهُ فَقَالَ: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>