للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّهْيُ عَنْ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ» مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ» ) .

مَا جَاءَ فِي الْمَسَاكِينِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا

ــ

[المنتقى]

الْقَدُومُ بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ الْقَدُومُ الْمَعْرُوفَةُ وَقِيلَ إنَّ اخْتِتَانَهُ مِنْ الْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ فَقَالَ يَا رَبِّ مَا هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ شَيْبٌ حَتَّى رَآهُ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلَ مَنْ رَآهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْبُ مُعْتَادًا عَلَى حَسَبِ مَا هُوَ الْيَوْمَ وَلَكِنْ كَانَ إبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّيْبُ مُعْتَادًا قَدْ رَآهُ إبْرَاهِيمُ لِجَمِيعِ النَّاسِ قَبْلَهُ مَا أَنْكَرَهُ وَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا وَلَوْ سَأَلَ عَنْ وُقُوعِهِ بِهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِمَعْنَاهُ كَمَا رَآهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يُفَسِّرْهُ لَهُ بِأَنَّهُ وَقَارٌ وَلَقِيلَ لَهُ هُوَ الشَّيْبُ الَّذِي رَأَيْته لِمَنْ بَلَغَ بِسِنِّك وَلَكَانَ هُوَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ مَعْنَاهُ الْوَقَارُ وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَنْ يَزِيدَهُ مِنْ الْوَقَارِ حِينَ عَلِمَ مَعْنَاهُ وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: ٥٤] فَيَحْتَمِلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُخَاطِبَ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ، أَوْ مَنْ شَابَ مِنْ زَمَنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ مَنْ شَابَ وَمَنْ لَمْ يَشِبْ إلَّا أَنَّهُ جَمَعَ مَعَ الضَّعْفِ الْأَخِيرِ الشَّيْبَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْخَلْقِ مَنْ لَمْ يَشِبْ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ جَمِيعَهُمْ يَشِيبُ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ جَمِيعَهُمْ يَضْعُفُ بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ فِي الضَّعْفِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ حَالَ الْقُوَّةِ قَبْلَ الضَّعْفِ الثَّانِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَارٌ يَا إبْرَاهِيمُ أَخْبَرَ مَا رَآهُ مِنْهُ مَعْنَاهُ الْوَقَارُ فَسَأَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الزِّيَادَةَ مِنْهُ إذْ قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْوَقَارَ مَحْمُودٌ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ هَدْيِ الصَّالِحِينَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَزِيدَهُ مِنْ الشَّيْبِ الَّذِي هُوَ الْوَقَارُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[النَّهْيُ عَنْ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَنَهْيُهُ أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الْأَكْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ وَالْجِنَّ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ زَادُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَقَدْ قِيلَ إنَّ أَكْلَهُمْ تَشَمُّمٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ عَلَى الْمَجَازِ مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ يَأْمُرُ ابْنَ آدَمَ أَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ وَيَدْعُوَهُ إلَيْهِ فَأُضِيفَ الْأَكْلُ إلَيْهِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ: الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيَأْكُلْ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ وَلَا يَأْكُلْ وَلَا يَشْرَبْ بِشِمَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>