للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ إبْرَاهِيمُ أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: وَقَارٌ يَا إبْرَاهِيمُ فَقَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الْإِطَارُ وَلَا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلَ بِنَفْسِهِ) .

ــ

[المنتقى]

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ سُنَّةِ الدِّينِ الَّذِي يُوصَفُ بِأَنَّهُ الْفِطْرَةُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ " يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الدِّينَ الَّذِي وُلِدُوا عَلَيْهِ وَخُلِقُوا عَلَيْهِ وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَقَصُّ الشَّارِبِ قَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَنَتْفُ الْإِبْطِ يُرِيدُ الشَّعْرَ الَّذِي تَحْتَ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ يُرِيدُ شَعْرَ السُّرَّةِ وَهُوَ الِاسْتِمْدَادُ وَلَيْسَ لِقَصِّ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ حَدٌّ إذَا انْتَهَى إلَيْهِ أَعَادَهُ وَلَكِنْ إذَا طَالَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدًّا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَالِاخْتِتَانُ الِاخْتِتَانُ هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ السُّنَنِ كَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ وَاجِبٌ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ قَرَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالْقَرَائِنِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْجَسَدِ ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ كَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْقُوفٌ وَأَسْنَدَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خُولِفَ فِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ.

(فَرْعٌ) وَاخْتُلِفَ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ يُسْلِمُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الِاخْتِتَانِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ لَهُ تَرْكُهُ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَتْرُكُهُ وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ كَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ قَطْعُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا مِنْ سَحْنُونٍ يَقْتَضِي كَوْنَهُ وَاجِبًا مُتَأَكِّدَ الْوُجُوبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا عِلَّةٍ لَمْ تَجُزْ إمَامَتُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ تَرْكَ الْمُرُوءَةِ مُؤَثِّرٌ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ وَمَنْ تَرَكَ الِاخْتِتَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ تَرَكَ الْمُرُوءَةَ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَقْتَ الِاخْتِتَانِ الصِّبَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ وَقْتُ الْإِثْغَارِ وَقِيلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ سَبْعِ سِنِينَ إلَى الْعَشَرَةِ قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَ قَبْلَ الْإِثْغَارِ، أَوْ يُؤَخِّرَهُ وَكُلَّمَا عَجَّلَ بَعْدَ الْإِثْغَارِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَكُرِهَ أَنْ يَخْتَتِنَ الصَّبِيُّ ابْنَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ: هَذَا مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُفْعَلَ لَعَلَّهُ يَخَافُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا وَقْتٌ يُفْهَمُ وَيُمْكِنُ مِنْهُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُؤْخَذُ بِالشَّرَائِعِ وَلِذَلِكَ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْخِفَاضُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أُحِبُّ لِلنِّسَاءِ قَصَّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقَ الْعَانَةِ وَالِاخْتِتَانَ مِثْلَ مَا هُوَ عَلَى الرِّجَالِ قَالَ: وَمِنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَلْيَخْفِضْهَا إنْ أَرَادَ حَبْسَهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَيْعِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَالنِّسَاءُ يَخْفِضْنَ الْجَوَارِيَ قَالَ غَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي قَطْعِ الْمَرْأَةِ.

وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَكَانَتْ تَخْفِضُ اخْفِضِي وَلَا تُنْهِكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ أَكْثَرُ لِمَاءِ الْوَجْهِ وَدَمِهِ وَأَحْسَنُ فِي جِمَاعِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ إبْرَاهِيمُ أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا فَقَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: وَقَارٌ يَا إبْرَاهِيمُ فَقَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْ الشَّارِبِ حَتَّى يَبْدُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ وَهُوَ الْإِطَارُ وَلَا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلَ بِنَفْسِهِ) .

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ وَأَوَّلَ مَنْ اخْتَتَنَ وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ شَارِبَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اخْتَتَنَ بِالْقَدُّومِ وَهُوَ مَوْضِعٌ وَيُخَفَّفُ فَيُقَالُ الْقَدُومُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>