للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ (ص) : (وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَرًا خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ وَاحِدٍ قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ، وَقَالَ عُمَرُ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ جَمِيعًا)

ــ

[المنتقى]

فِي ذَلِكَ إلَى قَسَامَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَتَعَيَّنُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ طَائِفَتِهِ فَقَالَ أَنَا قَتَلْته فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ وُلَاةَ الْقَتِيلِ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَتْرُكُوهُ أَوْ يُلْزِمُوا الدِّيَةَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهُ وَأَلْزَمُوهُ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِإِقْرَارِهِ بِطَرْحِ الدِّيَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَعَلَى طَائِفَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ إنْ شَاءُوا أَلْزَمُوهُ الدِّيَةَ غَلَطٌ لِقَوْلِهِ فِي احْتِجَاجِهِ الدِّيَةُ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى طَائِفَتِهِ قَالَ وَأُرَاهُ مِنْ غَلَطِ النَّاقِلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ عَلِمَ مَنْ أَصَابَهُ وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ شَاهِدًا، وَقَوْلُ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ عِنْدَ جَمَاعَةٍ سَمَّاهُمْ فَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ قَالَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ لِجُرْحِهِ رَجُلَانِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيهِ الْقَسَامَةُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَمْ يَرْدُدْ دَعْوَاهُ الْآخِرَةَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَدْ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِدَعْوَى الْمَيِّت، وَلَا بِشَاهِدٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا خَطَأٌ.

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا قَالَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ هُوَ، وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْفَرِيقَيْنِ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَقْلَهُ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ نَازَعُوهُ، وَقَوْلُهُ فِي عَقْلِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فَجَعَلَ لِذَلِكَ حُكْمَ الْعَمْدِ لَمَّا كَانَ عَمَلُهُمْ وَمُضَارَبَتُهُمْ بِقَصْدٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ الْقَوَدَ لَمَّا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْقَاتِلُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مَشَتْ إلَى الْأُخْرَى بِالسِّلَاحِ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ فَإِنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ تَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ مِنْ الْأُخْرَى قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ قَالَ، وَلَا يُطَلُّ دَمُ الزَّاحِفَةِ؛ لِأَنَّ الْمَزْحُوفَ إلَيْهِمْ لَوْ شَاءُوا لَمْ يَقْتُلُوهُ، وَاسْتَأْذَنُوا السُّلْطَانَ قَالَ غَيْرُهُ فِي غَيْرِ الْمَجْمُوعَةِ، وَذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ السُّلْطَانَ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ عَاجَلُوهُمْ نَاشَدُوهُمْ اللَّهَ فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا أُصِيبَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ الْجِرَاحِ فَعَقْلُهُ عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُنَازِعَةِ لَهَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ مِنْ غَيْرِهَا لَكَانَ عَقْلُ الْجُرْحِ عَلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ جِرَاحُهُمْ لِنَائِرَةٍ وَتَعَصُّبٍ فَإِنْ كَانَتْ لِتَأْوِيلٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْفِتَنِ قَوَدٌ فِي بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَلَا تَبَاعَةَ فِي مَالٍ إلَّا فِيمَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَفُتْ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ عَلَى الْقَاتِلِ قَتْلٌ وَلَا دِيَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُعْرَفُ أَنَّ حَرْبَهُمْ لِنَائِرَةٍ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِذَلِكَ أَوْ بِإِقْرَارِ الطَّائِفَتَيْنِ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْفِئَتَيْنِ تَأْتِي كُلُّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي عَلَى الْأُخْرَى جِرَاحَاتٍ، وَتُنْكِرُ دَعْوَى الْأُخْرَى، وَأَقَرَّتَا بِأَصْلِ النَّائِرَةِ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ ضَامِنَةٍ لِجِرَاحِ الْأُخْرَى فَإِنْ لَمْ يَتَقَارَرَا بِالنَّائِرَةِ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِمَا حَلَفَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ عَلَى مَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ وَاسْتَقَادَتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِرَاحِ تَحَالَفُوا عَلَى أَنَّ الْجِرَاحَاتِ كَانَتْ مِنْ الْفِئَةِ الْأُخْرَى، وَيَضْمَنُ بَعْضُهُمْ جِرَاحَاتِ بَعْضٍ فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِبَيِّنَةٍ بِأَصْلِ النَّائِرَةِ، وَلَا تَقَارَرَا لَمْ يُقَدْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالدَّعْوَى.

[مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ وَفِيهِ بَابَانِ]

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عُمَرَ قَتَلَ جَمَاعَةً بِرَجُلٍ قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ فِيهِ بَابَانِ أَحَدُهُمَا فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَالثَّانِي فِي مَعْنَى الْغِيلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>