للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ابْتَاعَ سِلْعَةً وَحَدَثَ بِهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ مُفْسِدٌ ثُمَّ ثَبَتَ فِيهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ]

ــ

[المنتقى]

ابْتَاعَهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُرْجَى لِوَلَدِهَا فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا أَوْجَبَ ذَلِكَ الْوِلَادَةُ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُ ذَلِكَ عَدَمُ وَلَدِهَا وَإِتْلَافُ الْمُبْتَاعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرَدَّ قِيمَتَهُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَرُدُّهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا، وَإِنَّمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ أَنْ يُمْسِكَ الْوَلَدَ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَتَخَرَّجَ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي السِّمَنِ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ وَلَا يُمْكِنُ مَعَ ذَلِكَ إمْسَاكُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ فَلَا خِلَافَ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُمْسِكَ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَيْبٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا قَدْرُ الْعَيْبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ لَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَمْنَعْ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَإِذَا حَدَثَ بَعْدَهُ لَمْ يَمْنَعْ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالْكَسْبِ وَالْعَمَلِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ صَنْعَةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَالرَّقْمِ فِي الثَّوْبِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا بِفَسَادٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الِارْتِجَاعِ وَالرَّدِّ] ١

(الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الِارْتِجَاعِ وَالرَّدِّ فِيمَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ) ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرُدَّ مَعَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْإِمْسَاكَ فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ تَقْوِيمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تُقَوَّمَ سَلِيمَةً مِنْ الْعَيْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ، ثُمَّ تُقَوَّمَ مَعِيبَةً فَيَرْجِعَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ أَنَّ قِيمَتَهَا سَلِيمَةً عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَتَكُونُ قِيمَتُهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ فَيُعْلَمُ أَنَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ خُمُسُ الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا صَحِيحًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَأَيُّ الْقِيمَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، فَإِذَا تَقَدَّمَتْ جُعِلَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَصْلًا، ثُمَّ يُقَوِّمُهَا قِيمَةً ثَالِثَةً بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ فَيَرُدُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنْ يُقَالَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ قِيمَتَهُ بِالْعَيْبَيْنِ سِتَّةُ دَنَانِيرَ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ الرُّبْعَ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ خُمُسَ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَاقِيَ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ دِينَارًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ هُوَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ فَقُدِّرَ لَنَا أَنَّهُ رُبْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَعِيبًا رَدَّ مَعَ الْعَبْدِ رُبْعَ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ إنَّمَا كَانَ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَقْبِضُ الْمَبِيعَ وَلَا أَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ بَلْ أُمْسِكُ وَأَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُبْتَاعُ أَنَا أُمْسِكُهُ وَلَا أَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ وَجْهُ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا أَسْقَطَ عَنْ الْمُبْتَاعِ قِيمَةَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عَيْبٌ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ الْإِمْسَاكُ وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَوَجْهُ قَوْلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ بِالْمَبِيعِ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ غُرْمٌ كَمَا لَوْ ثَبَتَ تَدْلِيسُ الْبَائِعِ بِعَيْبِ الرَّدِّ، وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِهِ عَيْبٌ آخَرُ وَكَمَا لَوْ كَانَ التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا التَّغَيُّرُ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ بِزِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ كَالصَّبْغِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الْأَقْضِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَصْلٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالتَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَلَى ضَرْبَيْنِ زِيَادَةٌ وَنُقْصَانٌ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَإِنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ فِي التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَحْدُثَ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْمُدَلَّسِ بِهِ أَوْ بِإِذْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>