للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الِاسْتِمْتَاعَ كُلَّهُ، وَاللَّذَّةَ بِقُبْلَةٍ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْإِحْرَامِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهَا زَوْجَةٌ مُنِعَ وَطْؤُهَا لِمَعْنًى لَيْسَ لِعِبَادَةٍ وَلَا يُفْضِي إلَى بَيْنُونَةٍ فَلَمْ يُمْنَعْ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالْحَيْضِ، وَالْعِبَادَاتُ الَّتِي تَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ إذَا اخْتَصَّتْ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنَّمَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا مَا يُفْسِدُ عَلَى الزَّوْجَةِ عِبَادَتَهَا وَلِذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَلَيْسَ فِي الظِّهَارِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِئَلَّا يُحَرِّكَهُ إلَى مَوَاقِعِ الْمُحَرَّمِ مِنْ الْوَطْءِ، فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَنْظُرُ الْوَجْهَ، وَالْيَدَيْنِ، فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ لِغَيْرِ وَجْهِ الِاسْتِمْتَاعِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قِيلَ لَمَالِكٍ أَيَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا قَالَ نَعَمْ، وَغَيْرُهُ أَيْضًا قَدْ يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِي شَهْرَيْ الصِّيَامِ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَطَعَ ذَلِكَ التَّتَابُعَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ التَّتَابُعَ وَرَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الظِّهَارُ مُطْلَقًا فَتَحْرِيمُهُ مُطْلَقٌ لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي الْيَوْمَ فَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الظِّهَارِ مِنْ الْيَوْمِ وَهَلْ يَبْطُلُ بِانْقِضَاءِ الْيَوْمِ أَمْ لَا الْمَشْهُورُ أَنَّهُ بَاقٍ بَعْدَ الْيَوْمِ حَتَّى يُكَفِّرَ كَالطَّلَاقِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يَطَؤُهَا دُونَ كَفَّارَةٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الظِّهَارِ وَدَلِيلُنَا أَنَّ هَذَا لَفْظٌ يَحْرُمُ بِهِ الْوَطْءُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدُهُ كَإِطْلَاقِهِ كَالطَّلَاقِ.

[بَاب أَلْفَاظ الظِّهَار]

(بَابٌ فَأَمَّا أَلْفَاظُهُ فَأَصْلُهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ} [المجادلة: ٢] ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] فَهَذَا اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ يَخْتَصُّ بِأَمْرَيْنِ بِالْأُمِّ، وَالظَّهْرِ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الْعُدُولُ عَنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُعَلِّقَ التَّشْبِيهَ بِعُضْوٍ مِنْ الْأُمِّ غَيْرِ الظَّهْرِ، وَالثَّانِي أَنْ يُعَلِّقَهُ بِظَهْرِ غَيْرِ الْأُمِّ، وَالثَّالِثُ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِعُضْوٍ غَيْرِ الظَّهْرِ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِ الْأُمِّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ يَقُولَ كَالْبَطْنِ أَوْ الْفَرْجِ أَوْ الْقَدَمِ أَوْ الْفَخِذِ أَوْ الْعَضُدِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَكُونُ مُظَاهِرًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَمَنْ شَبَّهَ امْرَأَةً بِبَعْضِ أُمِّهِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إلَّا بِتَشْبِيهِهِ بِالظَّهْرِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: لَا يَكُونُ الظِّهَارُ إلَّا فِي تَمْثِيلِهِ بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ: إنَّهُ عُضْوٌ مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَثْبَتَ لِامْرَأَتِهِ حُكْمَهُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُظَاهِرًا كَالظَّهْرِ.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِنْ أَثْبَتَ لِلْجُمْلَةِ حُكْمَ الْجُمْلَةِ فَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ مُظَاهِرٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ أُمِّي قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلَيْهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْبِرِّ، وَالْكَرَامَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُظَاهِرًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ جُمْلَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةُ الْإِكْرَامِ، وَالْبِرِّ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ مُظَاهِرًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ تَشْبِيهُ امْرَأَتِهِ بِأُمِّهِ دُونَ نِيَّةٍ تَصْرِفُ ذَلِكَ فِي التَّحْرِيمِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُظَاهِرًا هَذَا أَصْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي أَوْ مِثْلَ أُمِّي أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ نِيَّةً وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مُظَاهِرٌ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ لَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِصَرِيحِ الظِّهَارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَمْ يَكُنْ طَلَاقًا كَمَا لَوْ عَرَّاهُ عَنْ لَفْظِ التَّحْرِيمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>