للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ (ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ وُجِدَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ وَأَنَّ الْبَحْرَ لَفَظَهُمْ وَلَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ وَلَا أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ تَكَسَّرَتْ أَوْ عَطِشُوا فَنَزَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْلِمِينَ: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ وَلَا أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ فِيهِمْ خُمُسًا)

ــ

[المنتقى]

فِيمَا أَخَذَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ حُضُورِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ سَهْمِهِ فِيمَا أَخَذَ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْنَى يُزِيلُ التَّكْلِيفَ كَالْمَوْتِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُرْجَى بُرْؤُهَا كَالْحُمَّى وَالرَّمَدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ السَّهْمَ وَمَا كَانَ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيَمْنَعُ الْقِتَالَ كَالْجُنُونِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ السَّهْمَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَمْنَعُ مَا قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ قَبْلَ حُدُوثِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فَأَنْ يَغِيبَ قَبْلَ الْقِتَالِ عَنْ الْجَيْشِ بِاخْتِبَارِهِ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ فَهَذَا لَا يُسْهَمُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ الْوَقْعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِيمَا اُسْتُحِقَّ بِالْقِتَالِ فَأَمَّا مَا اُسْتُحِقَّ بِالْإِحْرَازِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ التَّغَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْرَازِ عَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ هَذَا مَا يَفُوتُ بِهِ الْقَادِمُ الْغَنِيمَةَ بِاللَّاحِقِ بِالْجَيْشِ أَوْ الَّذِي يُسْلِمُ أَوْ الْعَبْدُ يُعْتَقُ أَوْ الْأَسِيرُ يُطْلَقُ فَهَذَا يُسْهَمُ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي وَلَا تَفُوتُهُ الْغَنِيمَةُ بَعْدَ الْقِتَالِ بِأَنْ لَا يَحْضُرَ الْقِتَالَ إذَا حَضَرَ إحْرَازَهَا وَأَخَذَهَا فَيَصِيرُ الْقِتَالُ فَيَسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةَ بِحُضُورِهِ مَنْ لَمْ يُشَاهِدْ إحْرَازَهَا وَلَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ مَنْ شَاهَدَ إحْرَازَهَا.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الْمَعَانِي الْمُؤَثِّرَةُ فِي مَنْعِ الْغَنِيمَةِ] ١

وَأَمَّا مَا تَثْبُتُ بِهِ الْمَعَانِي الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُدْعَى عَلَى الْغَازِي أَمْرٌ فَيُقِرَّ بِهِ وَيَدَّعِيَ الْعُذْرَ فِيهِ وَالثَّانِي أَنْ يُنْكِرَهُ جُمْلَةً فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فَمِثْلُ أَنْ يُقِرَّ بِالرُّجُوعِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ رَجَعَ مَغْلُوبًا أَوْ ضَالًّا فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَدَّعِيَ مِنْ الْأَعْذَارِ مَا لَهُ إمَارَاتٌ مِنْ رِيحٍ رَدَّتْ مَرْكَبًا كَانَ فِيهِ أَوْ مَخَافَةَ غَرَرِ طَرِيقٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ تَخَلُّفِ دَابَّةٍ وَمِنْهُ مَا لَا تَكُونُ لَهُ إمَارَةٌ كَالضَّلَالِ وَنَحْوِهِ فَمَا كَانَتْ لَهُ إمَارَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا فَإِذَا ثَبَتَتْ إمَارَةُ عُذْرِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إمَارَةٌ وُكِّلَ إلَى أَمَانَتِهِ وَقُبِلَ عُذْرُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ التَّخَلُّفَ جُمْلَةً فَإِنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ التَّخَلُّفُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَهُ بِالْغَزْوِ وَالْكَوْنِ فِي جُمْلَةِ الْجَيْشِ فَلَا يَثْبُتُ تَخَلُّفُهُ بِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ يُشَارِكُهُ فِي الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ جَارٌّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِيرِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَمِيرِ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِيرِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ هَذَا الْأَمِيرَ لَهُ شَرِكَةٌ فِي الْمَغْنَمِ فَلَمْ تُقْبَلْ فِيهِ شَهَادَتُهُ كَسَائِرِ الْجَيْشِ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ إنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ وَيَجُوزُ لَهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِعِلْمِهِ فِيمَا الضَّرُورَةُ إلَيْهِ كَمَعْرِفَتِهِ بِأَعْيَانِ الشُّهُودِ.

[مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْعَدُوَّ إذَا وُجِدَ بِسَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَزَلُوا دُونَ إذْنِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لَفَظَهُمْ الْبَحْرُ فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَتَوْا لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُ قَوْلِهِمْ فَهُمْ فَيْءٌ وَلَوْ عُلِمَ صِدْقُهُمْ لَمْ يُعْرَضْ لَهُمْ وَوَجَبَ تَرْكُهُمْ عَلَى مَا نَزَلُوا عَلَيْهِ أَوْ يُرَدُّونَ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ حُكْمِهِمْ وَالثَّانِي فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا وُجِدَ مَعَهُمْ مِنْ الْمَالِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حُكْمِهِمْ.

قَالَ مَالِكٌ إنْ بَانَ صِدْقُهُمْ لَمْ يَعْرِضْ لَهُمْ وَإِلَّا رَأَى الْإِمَامُ فِيهِمْ رَأْيَهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ إنَّهُمْ وَمَا مَعَهُمْ فَيْءٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُمْ التِّجَارَاتُ مِثْلُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>