للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ) (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» قَالَ مَالِكٌ وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يَتَبَيَّنَ مَا فِيهِ أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلًا، وَلَا يَعْلَمَ مَا فِيهِ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ الْآخَرُ إلَيْهِ ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا وَيَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَذَا بِهَذَا فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ أَوْ الثَّوْبِ الْقِبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي طَيِّهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا حَتَّى يَنْشُرَا وَيَنْظُرَا إلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَهُوَ مِنْ الْمُلَامَسَةِ قَالَ مَالِكٌ، وَبَيْعُ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ مُخَالِفُ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي جِرَابِهِ وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمَعْمُولِ بِهِ وَمَعْرِفَةِ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ، وَمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الْجَائِزَةِ وَالتِّجَارَةِ بَيْنَهُمْ الَّتِي لَا يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا؛ لِأَنَّ الْأَعْدَالَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ عَلَى غَيْرِ نَشْرٍ لَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلَامَسَةَ) .

ــ

[المنتقى]

مِنْ الثَّمَنِ مَا أَنْكَرَهُ صَاحِبُهُ قَالَ عِيسَى يُصَدَّقُ وَيُوضَعُ عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ مُنْكَرٍ يُعْلَمُ بِهِ كَذِبُهُ، وَأَنَّهُ حَابَى فِي الْبَيْعِ فَيَلْزَمُهُ غُرْمُ مَا قَصَرَ بِهِ عَنْ ثَمَنِهَا، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تُعْرَفُ مَا بَاعَ بِهِ إلَّا يَدَّعِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يَعْرِفُ أَهْلُ تِلْكَ الصِّنَاعَةِ أَنَّهَا تُبَاعُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى مَا زَعَمَ وَيُصَدَّقُ.

[الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ]

(ش) : «نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» يَقْتَضِي فَسَادَهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَيْعَ مُلَامَسَةٍ وَمُنَابَذَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ لِصِفَاتِهِ إلَّا لَمْسَهُ أَوْ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَنْبِذَهُ إلَيْهِ وَاللَّمْسُ لَا يَعْرِفُ بِهِ الْمُبْتَاعُ مَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَبِيعِ الَّذِي يَخْتَلِفُ ثَمَنُهُ بِاخْتِلَافِهَا، وَيَتَفَاوَتُ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَأَمَّا لَوْ أَمْكَنَهُ الْبَائِعُ مِنْ تَقْلِيبِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ فَاقْتَنَعَ الْمُبْتَاعُ بِلَمْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْعَ مُلَامَسَةٍ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ بَاعَ ثَوْبًا مُدْرَجًا فِي جِرَابِهِ فَوَصَفَهُ لَهُ، وَكَانَ عَلَى أَنْ يَنْشُرَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ يَنْشُرُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الثَّوْبَ الْمُدْرَجَ فِي جِرَابِهِ كَالسَّاجِ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُصَانُ بِغِلَافٍ أَوْ جِرَابٍ يَكُونُ فِيهِ فَلَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ الثَّوْبِ الْقِبْطِيِّ الَّذِي دُرِجَ عَلَى طَيِّهِ، وَإِنْ ظَهَرَ ظَاهِرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِالصِّفَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ بَيْعَ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ بِأَنَّ بَيْعَهَا عَلَى ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكَثْرَةِ ثِيَابِ الْأَعْدَالِ وَعِظَمِ الْمُؤْنَةِ فِي فَتْحِهَا وَنَشْرِهَا، وَيَصِحُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ السَّاجُ الْمُدْرَجُ فِي جِرَابِهِ وَالثَّوْبُ الْقِبْطِيُّ الْمُدْرَجُ فِي طَيِّهِ يَمْنَعُ الْمُبْتَاعَ مِنْ نَشْرِهِمَا، وَلَا يُوصَفَانِ لَهُ بِصِفَتِهِمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ دُونَ صِفَةٍ يَلْزَمُهَا الْبَائِعُ، وَبَيْعُ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إنَّمَا هُوَ بَيْعُهَا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْبَرْنَامَجُ مِنْ صِفَتِهَا الْمُسْتَوْعِبَةِ لِمَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَثْمَانُ وَالْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهَا فَلِذَلِكَ جَازَ بَيْعُ الْأَعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ عَلَى صِفَةٍ، وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ السَّاجِ فِي الْجِرَابِ وَالْقِبْطِيِّ الْمَطْوِيِّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ عَلَى غَيْرِ صِفَةٍ وَلَا رُؤْيَةٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ عَلَى الصِّفَةِ وَمَنْعِ الرُّؤْيَةِ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِي رَدِّهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنَّ الصِّفَةَ تَنُوبُ عَنْ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ السِّلَعِ لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهَا، وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ أَنَّ حَبِيبًا سَأَلَ أَبَاهُ عَمَّنْ ابْتَاعَ مِائَةَ شَاةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ أَيَجُسُّ جَمِيعَهَا فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَجُسَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَقُولَ لِلْبَائِعِ إنَّ مَا لَمْ أَجُسَّ مِثْلَ مَا جَسَسْت

<<  <  ج: ص:  >  >>