للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ يَقُولُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمْ الْمُوضِحَةُ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ، وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَالْجَائِفَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ جِرَاحَاتُهُمْ كُلُّهَا) .

مَا يُوجِبُ الْعَقْلَ عَلَى الرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ مَالِهِ (ص) : (يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَقْلٌ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ إنَّمَا عَلَيْهِمْ عَقْلُ قَتْلِ الْخَطَإِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءُوا ذَلِكَ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ مَضَتْ السُّنَّةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ حِينَ يَعْفُو أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً إلَّا أَنْ تُعِينَهُ الْعَاقِلَةُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا)

ــ

[المنتقى]

(ش) : قَوْلُهُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَكَانَ يَكْتُبُ بِذَلِكَ إلَى عُمَّالِهِ قَالَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ فَإِنَّهُ لَا يُسَاوِي الْمُسْلِمَ فِي الدِّيَةِ كَالْأُنْثَى وَالْمُرْتَدِّ وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ مِنْهُمْ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَالِ، وَإِذَا ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ فَقُتِلَ فِي حَالِ ارْتِدَادِهِ لَمْ يُقْتَلْ قَاتِلُهُ، وَيَجِبُ بِهِ الدِّيَةُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي دِيَتِهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَأَشْهَبَ دِيَتُهُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فِي نَفْسِهِ وَجِرَاحِهِ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى دِينِهِ، وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ دِينُهُ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ أَقَلِّ الْأَدْيَانِ، وَهُوَ دِينُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ فَكَانَ لَهُ حُكْمُهُمْ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ مَوْلُودًا.

[مَا يُوجِبُ الْعَقْلَ عَلَى الرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ مَالِهِ وَفِيهِ أَبْوَاب]

(ش) : قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّ جِنَايَاتِ الْعَمْدِ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الْيَدِ وَفَقْءِ الْعَيْنِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدَهُ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْعَاقِلَةِ وَصِفَةِ تَحَمُّلِهَا لِلدِّيَةِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْعَمْدِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ الْخَطَإِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَجِبُ بِجِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِي مَعْرِفَةِ مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةِ مِنْ الْجِنَايَةِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَة الْعَاقِلَةِ وَصِفَةِ تَحَمُّلِهَا لِلدِّيَةِ)

فَأَمَّا الْعَاقِلَةُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْقَبَائِلُ فَلَا تَعْقِلُ قَبِيلَةٌ مَعَ قَبِيلَةٍ مَا دَامَ فِي قَبِيلَةِ الْجَانِي مَنْ يَحْمِلُ الْجِنَايَةَ، وَالدِّيوَانُ فَإِنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ يَعْقِلُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الدِّيوَانِ مِنْ غَيْرِ الْعَشِيرَةِ، وَالْآفَاقُ فَلَا يَعْقِلُ شَامِيٌّ مَعَ مِصْرِيٍّ، وَلَا شَامِيٌّ مَعَ عِرَاقِيٍّ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْجَانِي مِمَّنْ يَعْقِلُ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ أُفُقِهِ، قَالَ سَحْنُونٌ وَيُضَمُّ أَهْلُ إفْرِيقِيَّةِ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ مِنْ طَرَابُلُس إلَى طَنْجَةَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتُلِفَ فِي الْبَدْوِيِّ وَالْحَضَرِيِّ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَعْقِلُ أَهْلُ الْبَدْوِ مَعَ أَهْلِ الْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ فِي دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إبِلٌ وَعَيْنٌ، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدِّيَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ جُعِلَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ الذَّهَبُ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ الْوَرِقُ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ الْإِبِلُ، وَلَوْ جَازَ تَبْعِيضُهَا لَكَانَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ مَا عِنْدَهُ، وَلَرُجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقِيمَةِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَارَكَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>