للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةُ الْمُسَافِرِ إذَا أَجْمَعَ مُكْثًا (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ مَنْ أَجْمَعَ عَلَى إقَامَةٍ أَرْبَعَ لَيَالٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ أَتَمَّ الصَّلَاةَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إلَيَّ) .

صَلَاةُ الْمُسَافِرِ إذَا كَانَ إمَامًا وَوَرَاءَ إمَامٍ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ مَكَّةَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلَ ذَلِكَ)

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ إمَامٍ فَيُصَلِّيَهَا بِصَلَاتِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ وَرَاءَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا.

وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَرَاءَ الْمُقِيمِ إلَّا لِمَعَانٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ فِي ائْتِمَامِهِ بِهِ تَغْيِيرَ صَلَاتِهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ائْتَمَّ بِهِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُعِيدُهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يُتِمُّ الْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَلَا خَلْفَ إمَامٍ فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إلَّا فِي جَوَامِعِ الْمُدُنِ وَأُمَّهَاتِ الْحَوَاضِرِ.

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَصْرَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ آكَدُ مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْضِيلِ الْقَصْرِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي تَفْضِيلِ الْجَمَاعَةِ وَلَا تُعَادُ صَلَاةٌ أُدِّيَتْ بِفَضِيلَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا لِفَضِيلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْإِتْمَامَ بِالْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَغْيِيرِ الصَّلَاةِ فِي الْعَدَدِ فَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ كَانَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الْأُمَرَاءَ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الِانْفِرَادِ بِالصَّلَاةِ دُونَهُمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إظْهَارَ الْخِلَافِ عَلَيْهِمْ.

(فَرْعٌ) وَمِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تُبِيحُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْمُقِيمِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُضُورِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي جَوَامِعِ الْأَمْصَارِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْزِلُ لِلْمُقِيمِ أَوْ يَكُونَ أَسَنَّهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ مُسَافِرُونَ وَحَاضِرُونَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَؤُمَّ الْمُسَافِرِينَ أَحَدُهُمْ وَالْحَاضِرِينَ أَحَدُهُمْ فَإِنْ أَمَّهُمْ كُلَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ مُسَافِرٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْأُمَرَاءِ وَحَيْثُ يَكُونُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُسَافِرِ لَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ صَلَاةِ مَنْ وَرَاءَهُ وَتَقْدِيمُ الْمُقِيمِ يُوجِبُ تَغْيِيرَ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ.

[صَلَاةُ الْمُسَافِرِ إذَا أَجْمَعَ مُكْثًا]

(ش) : وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَجْمَعَ إقَامَةً أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ مُقِيمٌ لِأَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْإِقَامَةِ لِمَنْ نَوَاهَا مَا بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُتِمُّ الصَّلَاةَ حَتَّى يُجْمِعَ مُقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْمُهَاجِرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنِعَ مِنْ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ وَأُبِيحَ لَهُ الْمُقَامُ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ مَا زَادَ عَلَيْهَا فِي الْمُقَامِ.

وَقَدْ رَوَى الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ثَلَاثٌ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدْرِ» .

(ص) : (وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صَلَاةِ الْأَسِيرِ فَقَالَ مِثْلُ صَلَاةِ الْمُقِيمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مُسْتَوْطِنٌ وَظَاهِرُ أَمْرِهِ الْمُقَامُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْطَعُ بِمُقَامِهِ وَإِنَّمَا يُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَى مَا يَظْهَرُ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ وَقَدْ يَطْرَأُ مَا يُوجِبُ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَإِنَّمَا مُقَامُهُ وَسَفَرُهُ بِاخْتِيَارِ مَنْ يَمْلِكُهُ فَكَانَتْ نِيَّتُهُ مُعْتَبَرَةً فِي إتْمَامِهِ وَقَصْرِهِ بِمَا يَظْهَرُ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ.

[صَلَاةُ الْمُسَافِرِ إذَا كَانَ إمَامًا وَوَرَاءَ إمَامٍ]

(ش) : قَوْلُهُ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ يُرِيدُ أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يَسْتَوْطِنُ مَكَّةَ وَإِنْ أَقَامَ بِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِأَنَّ الْمُهَاجِرَ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِيطَانِهَا لِأَنَّهَا قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>