للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِيلَاءُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ حَتَّى يُوقَفَ فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ قَالَ مَالِكٌ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، فَإِنَّهُ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وُقِفَ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ حَتَّى يُوقَفَ)

ــ

[المنتقى]

مَرَّةً ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ لَهَا ذَلِكَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَهُوَ مِنْ آخِرِ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَتَرَجَّحُ فِيهِ فِي أَوْقَاتِ الْفَتْوَى وَأَبْقَى فِي مُوَطَّئِهِ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَقَالَتْ الزَّوْجَةُ قَدْ قَضَيْت بِالطَّلَاقِ وَقَالَ الزَّوْجُ مَلَّكْتُك وَلَمْ تَقْضِ شَيْئًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا حِينَ أَقَرَّهَا بِالتَّمْلِيكِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَ الْمَجْلِسِ لَكِنَّهُ إذَا أَقَرَّ لَهَا بِالتَّمْلِيكِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْطَالُهُ بِدَعْوَى أَنَّهَا لَمْ تَقْضِ بِالطَّلَاقِ كَالْأَجْنَبِيِّ يُوَكِّلُهُ عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَدَّعِيَ الْقَضَاءَ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ الْآنَ بِالطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهَا الرَّدَّ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا الرَّدَّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْإِيلَاءُ]

(ش) : قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ الْإِيلَاءُ الْيَمِينُ فَمَنْ حَلَفَ فَقَدْ آلَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْإِيلَاءَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْيَمِينُ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ يُقَالُ آلَيْت أُولِي إيلَاءً وَأَلِيَّةً وَقَالَ الْمُفَضَّلُ الْإِيلَاءُ الْيَمِينُ يُقَالُ آلَى يُولِي إيلَاءً، وَالِاسْمُ الْأَلِيَّةُ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ

قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ ... وَإِنْ نَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتْ

وَقَالَ الْأَعْشَى فِي الْقَصِيدَةِ الَّتِي مَدَحَ بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

فَآلَيْت لَا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ ... وَلَا مِنْ وَجًى حَتَّى تُلَاقِيَ مُحَمَّدَا

نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَوْنَ وَذِكْرُهُ ... أَغَارَ لِعَمْرِي فِي الْبِلَادِ وَأَنْجَدَا

مَعْنَاهُ أَقْسَمْت إلَّا أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الشَّرْعِ فِي الْقَسَم عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] فَقَالَ تَعَالَى {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] وَتَقْدِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يُقْسِمُونَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ نِسَائِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: آلَيْت مِنْ كَذَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ آلَيْت عَلَى كَذَا وَآلَيْت لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَا فَعَلْت كَذَا لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ آلَى لَيَمْتَنِعَنَّ مِنْ امْرَأَتِهِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَذَفَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَقِيلَ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ حَكَى هَذَا الْفَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ وَقَالَ الْفَرَّاءُ إنَّ " مِنْ " هُنَا بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يُؤْلُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوقَفَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْإِيلَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْغَضَبِ دُونَ الرِّضَا، وَأَنَّهُ إذَا حَلَفَ فِي الرِّضَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِيَمِينٍ تُلْزَمُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِحَالِ الْغَضَبِ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ حَقًّا فِي الْوَطْءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَسْتَطِيعُ الْوَطْءَ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ لَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِمَاعَ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَرَأْيُهُ أَنَّهُ فَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ عَلَى مَنْ يَسْتَطِيعُ الْجِمَاعَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَسْتَطِيعُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>