للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ اُدْلُلْنِي عَلَى بَعِيرٍ مِنْ الْمَطَايَا أَسْتَحْمِلُ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْت نَعَمْ جَمَلًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ أَتُحِبُّ أَنَّ رَجُلًا بَادِنًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ غَسَلَ لَك مَا تَحْتَ إزَارِهِ وَرُفْغَيْهِ ثُمَّ أَعْطَاكَهُ فَشَرِبْته قَالَ فَغَضِبْت وَقُلْت يَغْفِرُ اللَّهُ لَك أَتَقُولُ لِي مِثْلَ هَذَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ: إنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَغْسِلُونَهَا عَنْهُمْ) .

مَا جَاءَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ أَوْصَى ابْنَهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ جَالِسْ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْك فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ السَّمَاءِ) .

ــ

[المنتقى]

وَأَنْكَرَ عَلَى الرَّجُلِ سُؤَالَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ «إنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُنِي مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَهُ» يُرِيدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَا يَصْلُحُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ مَنَعْته كَرِهْت الْمَنْعَ» يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَا يَسْأَلُهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَكْرَهُ الْمَنْعَ جُمْلَةً لَكِنَّهُ سُئِلَ مَا لَا يَصْلُحُ مَنْعُهُ لِحَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَنْعِ فَقَالَ الرَّجُلُ: وَيُقَالُ: إنَّهُ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ لَا أَسْأَلُك مِنْهَا شَيْئًا أَبَدًا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِقْلَاعِ وَالتَّوْبَةِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ اُدْلُلْنِي عَلَى بَعِيرٍ مِنْ الْمَطَايَا أَسْتَحْمِلُ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْت نَعَمْ جَمَلًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ أَتُحِبُّ أَنَّ رَجُلًا بَادِنًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ غَسَلَ لَك مَا تَحْتَ إزَارِهِ وَرُفْغَيْهِ ثُمَّ أَعْطَاكَهُ فَشَرِبْته قَالَ فَغَضِبْت وَقُلْت يَغْفِرُ اللَّهُ لَك أَتَقُولُ لِي مِثْلَ هَذَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ: إنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَغْسِلُونَهَا عَنْهُمْ) .

(ش) : قَوْلُ أَسْلَمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ اُدْلُلْنِي عَلَى بَعِيرٍ مِنْ الْمَطَايَا أَيْ ظَهْرًا مِنْ الْمَطَايَا يُرِيدُ مَا يُمْتَطَى وَيُرْكَبُ لِقُوَّتِهِ وَحُسْنِ مِشْيَتِهِ وَقَوْلُهُ: أَسْتَحْمِلُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِجَازَةِ أَنْ يَسْأَلَ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ كَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إنَّ صَاحِبَ بَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ احْتَاجَ إلَيْهِ لِرُكُوبِهِ فِيمَا يَخُصُّهُ وَيَتَمَلَّكُ رَقَبَتَهُ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَالَ لَهُ أَسْلَمُ نَعَمْ جَمَلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ يُرِيدُ الَّذِي يَصْلُحُ لَهُ وَيُوَافِقُ مُرَادَهُ جَمَلٌ مِنْ الصَّدَقَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَتُحِبُّ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَادِنًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ غَسَلَ لَك مَا تَحْتَ إزَارِهِ وَرُفْغَيْهِ فَشَرِبْته قَصَدَ إلَى الْبَادِنِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَكْثَرَ عَرَقًا وَوَضَرًا مِنْ النَّحِيفِ وَذَكَرَ الْيَوْمَ الْحَارَّ؛ لِأَنَّ الْعَرَقَ وَوَضَرَ الْبَدَنِ يَكُونُ فِيهِ أَكْثَرَ وَذَكَرَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَالرُّفْغَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْذَرُ مَوْضِعٍ فِي الْجَسَدِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُهُ عَرَقًا وَوَسَخًا مَعَ الْغُسْلِ وَالْإِنْقَاءِ فَكَيْفَ مَعَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ لِعِلْمِهِ أَنَّ مَالَ الصَّدَقَةِ أَقْبَحُ الْأَمْوَالِ وَأَقْذَرُهَا وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يَسْتَعْفِفَ عَنْهُ الْمُسْلِمُ الْغَنِيُّ عَنْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ: إنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يُرِيدُ أَوْسَاخَ أَمْوَالِهِمْ وَمِمَّا يُتَطَهَّرُ بِهَا وَإِنَّ الْآخِذَ لِمَالِ الصَّدَقَةِ يَحْمِلُ وَسَخَهَا عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ الْمُخْرِجِينَ لَهَا وَالْمُطَهِّرِينَ أَمْوَالَهُمْ بِهَا فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا أُبِيحَتْ لَهُ لِضَرُورَتِهِ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَقَدْ عَدِمَ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لَهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَأَحْكَمُ.

[مَا جَاءَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ]

(ش) : قَوْلُ لُقْمَانَ لِابْنِهِ جَالِسْ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْك يُرِيدُ الْقُرْبَ مِنْهُمْ بِمُجَالَسَتِهِ لَهُمْ حَتَّى يَأْخُذَ بِأَيْدِيهِمْ وَيَتَعَلَّمَ مِنْ حِكْمَتِهِمْ وَلَا يَفُوتُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا يَفُوتُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ مُجَالِسًا لَهُمْ وَقَالَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ بِأَثَرِ قَوْلِهِ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْك فَلَعَلَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ فَتُصِيبَك مَعَهُمْ، وَلَا تُجَالِسْ الْفُجَّارَ لِئَلَّا يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ سَخَطُهُ فَيُصِيبَك مَعَهُمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْمُجَالَسَةُ لِلْعُلَمَاءِ إذَا كَانَتْ قُرْبَةً فَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا لِمَنْ لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُجَالِسُهُمْ تَبَرُّكًا بِمُجَالَسَتِهِمْ وَانْحِيَازًا إلَيْهِمْ وَمَحَبَّةً فِيهِمْ وَرُبَّمَا جَرَى مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَتَحْمِلُهُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَعِيَهُ وَيَحْفَظَهُ أَوْ يَسْتَثْبِتَ فِيهِ حَتَّى يَفْهَمَهُ وَرُبَّمَا سَأَلَهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِمَّا لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ فَيَأْخُذُهَا عَنْهُمْ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي قُوَّتِهِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَرُزِقَ عَوْنًا عَلَيْهِ وَرَغْبَةً فِي تَعَلُّمِهِ فَيُجَالِسُهُمْ لِيَأْخُذَ عَنْهُمْ وَيَتَعَلَّمَ مِنْ عِلْمِهِمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إحْيَاءَهَا بِالْإِيمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>