للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ مَعَ الْأَبِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا مَعَ اخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ فَالْأَبُ وَمَنْ لَهُ حَقٌّ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَفِي هَذَا بَابَانِ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ وَالْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا حُكْمُ التَّفَرُّقِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ بِافْتِرَاقِ الدَّارَيْنِ) فَإِذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْتَحِلَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ سُكْنَى الْأُمِّ يُرِيدُ السُّكْنَى فَلَهُ أَنْ يَرْتَحِلَ بِوَلَدِهِ مَعَهُ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ، أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا هُوَ مُسَافِرٌ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ عَنْ الْأُمِّ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ يَرْضَعُ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ كِبَارًا مَا دَامَ يُقِيمُ قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ فَوُلِدَ لَهُ فَفَارَقَ الزَّوْجَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ إلَى حَيْثُ شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُهَا قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ خَبَرُهُمْ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ كَوْنَهُ مَعَ أَبِيهِ أَحْوَطُ لَهُ وَأَثْبَتُ لِنَسَبِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ قَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا انْتَقَلَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصِّبْيَانِ غِلْمَانًا كَانُوا، أَوْ جِوَارِي، وَلَيْسَ لِإِخْوَتِهِمْ وَلَا لِأَعْمَامِهِمْ وَجُدُودِهِمْ مَنْعُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ النَّاظِرُ لَهُمْ دُونَهُمْ وَدُونَ الْحَاضِنَةِ وَمَا لَهُمْ عِنْدَهُ فَكَانَ كَالْأَبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْأَوْلِيَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي انْتِقَالِهِمْ مَعَهُ عَنْ مَكَانِ الْأُمِّ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ، أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَالَهُ مَالِكٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَصَبَةٌ كَالْأَبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ أَرَادَتْ الْأُمُّ الِانْتِقَالَ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ أَبُوهُمْ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الطِّفْلِ عَصَبْته فِي الدَّارِ كَانْتِقَالِ الْعَصَبَةِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا حُكْمُ التَّفَرُّقِ] ١

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا حُكْمُ التَّفَرُّقِ وَكَمْ قَدْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي لَا تَأْثِيرَ لَهَا وَتَمْيِيزُهَا مِنْ الْمَسَافَةِ الْمُؤَثِّرَةِ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَرْتَحِلَ بِهِمْ إلَّا الْبَرِيدَ وَنَحْوَهُ حَيْثُ يَبْلُغُ الْأَبُ وَالْأَوْلِيَاءُ خَبَرَهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْحَلَ بِهِمْ إلَّا مِثْلَ الْمَرْحَلَةِ، أَوْ الْمَرْحَلَتَيْنِ وَقَالَهُ مَالِكٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ تُوُفِّيَ عَنْ بِنْتٍ سِنُّهَا ثَمَانِ سِنِينَ وَأَرَادَتْ أُمُّهَا أَنْ تَرْتَحِلَ بِهَا إلَى خُؤُولَتهَا عَلَى مَسِيرَةِ مَرْحَلَتَيْنِ وَأَبَى ذَلِكَ أَعْمَامُهَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَهَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَقْرَبُ مَا لِلْأَبِ أَنْ يَرْتَحِلَ فِيهِ بِالْوَلَدِ سِتَّةُ بُرُدٍ وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ أَنْ تَنْتَقِلَ بِهِ الْأُمُّ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ بُرُدٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْبَرِيدَ وَنَحْوَهُ لَا يَشُقُّ عَلَى الْأَبِ مُطَالَعَةُ ابْنِهِ فِيهِ غَالِبًا وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَكَرُّرُهُ لِمُطَالَعَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ إحْدَاثُ هَذِهِ الْمَضَرَّةِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ مَا دُونَ سِتَّةِ بُرُدٍ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ وَإِنَّمَا لَهُ حُكْمُ الْحَضَرِ كَالْبَرِيدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَظْعَنَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ وَلِيٌّ فَتَظْعَنُ الْأُمُّ بِهِمْ حَيْثُ شَاءَتْ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِيطَانُ مَعَهُ وَقَدْ يُخْرِجُهُ سَيِّدُهُ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ وَيَتَكَرَّرُ ذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ فَيَنْفَرِدُ الْوَلَدُ وَلَا تَحْصُلُ لَهُ مُرَاعَاتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَالْأُمُّ أَمَةً فَعَتَقَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ لِلْأُمِّ إلَّا أَنْ يُبَاعَ، أَوْ يَنْكِحَ، أَوْ يَظْعَنَ الْأَبُ قَالَهُ مَالِكٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ السَّيِّدَ إبَاحَةُ مُرَاعَاةِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَبْدَهُ فَإِذَا أَعْتَقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَتَهُ وَسَائِرَ حُقُوقِهِ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِحَقِّ الرِّقِّ فَإِنْ كَانَ لِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الرِّقِّ فَإِنَّ النِّكَاحَ يُبْطِلُهَا، وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤْوِيَهُ مَعَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ النِّكَاحِ فَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ الْمَوْطُوءَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَهَلْ لَهَا حَضَانَةٌ إذَا أَعْتَقَتْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا حَضَانَةَ لَهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>