للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَاَلَّذِي سَمِعْت أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ أَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا هُوَ دَفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ وَلَا كَبِيرُ عَمَلٍ وَلَا مُؤْنَةٌ فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ فَأُصِيبَ مَرَّةً وَأُخْطِئَ مَرَّةً فَلَيْسَ بِرِكَازٍ) .

مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنْ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْعَنْبَرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحُلِيُّ فَلَا تُخْرِجُ عَنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ)

ــ

[المنتقى]

فَلَمْ يُدْرَ حُكْمُهَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ يُرِيدُ وَيُخَمِّسُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْلَمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ مُتَقَدِّمٌ لِأَحَدٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ وَجَدَهُ كَاَلَّذِي يُوجَدُ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ وَصَحَارِي الْعَرَبِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَتِهِ فِي نَفْسِهِ] ١

أَمَّا صِفَتُهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّحَاسِ وَالْخُرْثِيِّ وَاللُّؤْلُؤِ وَالطِّيبِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ مَرَّةً لَا خُمُسَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ.

وَقَالَ مَرَّةً فِيهِ الْخُمُسُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ وَجَّهَ فِي الْخُمُسِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَأَمَّا سَائِرُ الْعُرُوضِ فَلَيْسَتْ بِرِكَازٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ اسْمَ الرِّكَازِ عَامٌّ لِكُلِّ مَا وُضِعَ فِي الْأَرْضِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عُمُومِهِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِهَذِهِ اللَّفْظَةِ اقْتَضَى الْخِلَافَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْوَاجِدِ لَهُ] ١

ُ أَمَّا صِفَةُ الْوَاجِدِ لَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هُوَ لِمَنْ أَصَابَهُ وَيُخَمِّسُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً وَالْأَصْلُ فِيهِ عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مَالٌ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ بِالْغَلَبَةِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِأَهْلِ الْغَلَبَةِ وَالْحَرْبِ كَاللُّقَطَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ أَوْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ مِنْ الرِّكَازِ إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ قَالَ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الرِّكَازِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَقَاسَهُ عَلَى الْأَجِيرِ يَحْفِرُ فِي دَارِ رَجُلٍ فَيَجِدُ كَنْزًا فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْأَجِيرِ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إذَا مَلَكَ الْأَرْضَ غَيْرُ الْوَاجِدِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ وَوَجْهُهُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا عَرَفَ أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِمُورِثِهِ فَهُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِصَاحِبِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرِّكَازَ بِابْتِيَاعِ الدَّارِ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَاَلَّذِي سَمِعْت أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ أَنَّ الرِّكَازَ إنَّمَا هُوَ دَفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ وَلَا كَبِيرُ عَمَلٍ وَلَا مُؤْنَةٌ فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ فَأُصِيبَ مَرَّةً وَأُخْطِئَ مَرَّةً فَلَيْسَ بِرِكَازٍ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ دَفْنَ الْجَاهِلِيَّةِ هُوَ الَّذِي لَا يُطْلَبُ بِمَالٍ وَلَا يُتَكَلَّفُ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا سِيمَةَ عَلَيْهِ فَيُطْلَبُ فِي الْغَالِبِ وَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ وَتُكُلِّفَ فِيهِ عَمَلٌ كَالْمَعْدِنِ الَّذِي لَهُ سِيمَةٌ وَعَلَامَةٌ يُطْلَبُ لَهَا وَيُنْفَقُ فِي طَلَبِهِ الْأَمْوَالُ وَيُتَكَلَّفُ فِيهِ كَبِيرُ الْعَمَلِ مِنْ التَّصْفِيَةِ وَطَلَبِ النَّيْلِ وَغَيْرِهِمَا وَرُبَّمَا صِيبَ وَرُبَّمَا خُطِئَ لَيْسَ بِرِكَازٍ وَنَحْوِهِ رَأَيْت لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْقَوْلِ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

[مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ مِنْ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْعَنْبَرِ]

(ش) : قَوْلُهُ كَانَتْ تَلِي بَنَاتِ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا يُرِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَلِي النَّظَرَ لَهُنَّ وَأَخُوهَا الَّذِي كَانَتْ تَلِي بَنَاتِهِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يَكُنْ شَقِيقَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ شَقِيقُهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهَا بِإِيصَالِهِ بِهِنَّ إلَيْهَا أَوْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ لَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَكُونُ لَهَا الْوِلَايَةُ بِالْأُخُوَّةِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ هَذَا فِي الْوَصَايَا إنْ شَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>