للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُضُوئِهِ وَلَا يَدْخُلُ السَّعْيَ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ بِوُضُوءٍ) .

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ]

الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ فِي الطَّوَافِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْقَارِيّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ فِي طَوَافِهِ لَزِمَهُ قَطْعُ طَوَافِهِ وَأَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَسْتَأْنِفَ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ بَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِنْ شَرْطِ الطَّوَافِ الطَّهَارَةَ.

وَالثَّانِي أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الِاتِّصَالَ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ) .

اعْلَمْ أَنَّ الطَّوَافَ عِنْدَنَا مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ لَهُ وَلَيْسَتْ مِنْ شَرْطِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ أَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ» وَأَفْعَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَنَا عَلَى الْوُجُوبِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْبَيْتِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِهَا الطَّهَارَةُ كَالصَّلَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ مِنْ شَرْطِهِ الطَّهَارَةَ فَإِنَّهُ إنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَيُعِيدُ أَبَدًا وَيَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَأَمَّا طَوَافُ الْوُرُودِ فَقَدْ يَسْقُطُ بِالْأَعْذَارِ وَرُبَّمَا نَابَ عَنْهُ الدَّمُ بَعْدَ الْفَوَاتِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي اتِّصَالِ الطَّوَافِ] ١

مِنْ شَرْطِ الطَّوَافِ الِاتِّصَالُ فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يُبْطِلُهَا الْحَدَثُ فَكَانَتْ الْمُوَالَاةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَالصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّفْرِيقَ عَلَى ضَرْبَيْنِ بِالْحَدَثِ أَوْ بِالْعَمَلِ فَأَمَّا الْحَدَثُ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ وَيَمْنَعُ الرُّكُوعَ بَعْدَ الطَّوَافِ لِمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَمَامِهِ وَيَلْزَمُهُ فِي الْوَاجِبِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْتَدِئَ الطَّوَافَ وَهُوَ فِي النَّفْلِ بِالْخِيَارِ إذَا غَلَبَهُ الْحَدَثُ بَيْنَ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَتْرُكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فَإِنَّ كَثِيرَهُ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ كَالْخُرُوجِ لِنَفَقَةٍ ذَكَرَهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ كَالْوُقُوفِ الْيَسِيرِ لِلْحَدِيثِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ لِمَنْ يَغْلِبُهُ الْعَطَشُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْخُرُوجُ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ لِلْمَكْتُوبَةِ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ إذَا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ طَوَافِهِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَخَافُ فَوَاتَهَا فَكَانَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً طَوَافُهُ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ لِطَلَبِ نَفَقَةٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ طَوَافِهِ لِصَلَاةٍ يَخَافُ فَوَاتَ فَضْلِهَا فَكَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ، أَصْلُ ذَلِكَ إذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ مِنْ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ السَّعْيِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْبَيْتِ كَالْجِمَارِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَدَثَ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ عَلَى مَا مَضَى مِنْهُ فَمَنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَيَتَطَهَّرَ لِحَدَثِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَبْنِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ وَلَوْ تَمَادَى مُحْدِثًا لَأَجْزَأَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ السَّعْيَ إلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ بِوُضُوءٍ يُرِيدُ أَنَّ الْوُضُوءَ مَشْرُوعٌ فِيهِ لِمَنْ أَمْكَنَهُ الطَّهَارَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ فَأَمَّا الْحَائِضُ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ حَدَثِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>