للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الْجِرَاحِ فِي الْخَطَإِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي الْخَطَإِ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ وَيَصِحُّ وَأَنَّهُ إنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنْ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْجَسَدِ خَطَأً فَبَرِئَ وَصَحَّ، وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ فَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ فِيهِ عَقْلٌ فَفِيهِ مِنْ عَقْلِهِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ مِمَّا جَاءَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْلٌ مُسَمًّى فَبِحِسَابِ مَا فَرَضَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْلٌ مُسَمًّى، وَلَمْ تَمْضِ فِيهِ سُنَّةٌ، وَلَا عَقْلٌ مُسَمًّى فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ، وَلَيْسَ فِي الْجِرَاحِ فِي الْجَسَدِ إذَا كَانَتْ خَطَأً عَقْلٌ إذَا بَرِئَ الْجُرْحُ، وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَقْلٌ أَوْ شَيْنٌ فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ إلَّا الْجَائِفَةَ فَإِنْ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ، وَلَيْسَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ عَقْلٌ، وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ) .

ــ

[المنتقى]

رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَابْنِ وَهْبٍ، وَغَيْرِهِمَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ دُونَ أَوْلِيَائِهِ وَوَلَدِهِ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَا قَوْلَ لِغُرَمَائِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعَفْوِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ لِدِيَتِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَلَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُ دِيَةً لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الدِّيَةِ مِنْهُ، وَلَوْ عَفَا بَعْضُ أَوْلِيَائِهِ لَمْ يَجُزْ عَفْوُهُ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ إنْ ثَبَتَ الدَّمُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بِالْقَسَامَةِ فَالْعَفْوُ لِلْوَرَثَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَفْوُهُ قَبْلَ الْقَتْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَتْلِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لَيْتَنِي أَجِدُ مَنْ يَقْتُلُنِي فَقَالَ رَجُلٌ أَشْهِدْ أَنَّكَ وَهَبْت لِي دَمَك، وَعَفَوْت عَنِّي، وَأَنَا أَقْتُلُك فَأَشْهَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ اخْتَلَفَ فِيهَا أَصْحَابُنَا، وَأَحْسَنُ مَا رَأَيْت أَنْ يُقَادَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لِأَوْلِيَائِهِ بِخِلَافِ عَفْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُعَاقِبُ الْقَاطِعُ يَدَهُ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي قَطْعِ يَدِهِ، وَلِأَنَّهُ قَطَعَهُ بِإِذْنِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا عَفْوُهُ عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا بَعْدَ الْقَتْلِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ جُرْحًا لَا يُتَيَقَّنُ مِنْهُ الْمَوْتُ أَوْ جُرْحًا يُتَيَقَّنُ مِنْهُ الْمَوْتُ وَتَنْفُذُ مَقَاتِلُهُ، فَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، ثُمَّ نَزَّ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ لِوُلَاتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْ النَّفْسِ قَالَهُ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَفَوْت عَنْ الْجُرْحِ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ فَيَكُونَ عَفْوًا عَنْ النَّفْسِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَفَا عَنْ جُرْحٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى نَفْسٍ، وَأَمَّا إنْ عَفَا بَعْدَ أَنْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَذَلِكَ الَّذِي يَجُوزُ عَفْوُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَإِنْ أَوْصَى أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُ الدِّيَةُ، وَأَوْصَى بِوَصَايَا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَوَصَايَاهُ فِي دَيْنِهِ وَمَالِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ انْتَقَلَ الدَّمُ إلَى الدِّيَةِ فَصَارَ مَالًا لَهُ حُكْمُ مَالِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ الدِّيَةِ دَخَلَتْ فِيهَا الْوَصَايَا، وَلَوْ عَفَا الْوَرَثَةُ عَنْ الدِّيَةِ لَمْ تَدْخُلْ فِيهَا الْوَصَايَا، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ.

[مَا جَاءَ فِي عَقْلِ الْجِرَاحِ فِي الْخَطَإِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْمَجْرُوحَ خَطَأٌ لَا يُعْقَلُ جُرْحُهُ حَتَّى يَبْرَأَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ دِيَةَ جُرْحِهِ قَبْلَ الْبُرْءِ رُبَّمَا تَرَامَى إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِ الْحُكْمِ وَالِاجْتِهَادِ، وَرُبَّمَا انْتَقَلَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَنْ الْجَانِي إلَى الْعَاقِلَةِ بِأَنْ يَكُونَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونَ فِي مَالِ الْجَانِي، ثُمَّ يَتَرَامَى إلَى أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَيَزِيدَ عَلَيْهِ فَيَجِبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَرُبَّمَا بَلَغَ ذَهَابَ النَّفْسِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَسَامَةِ، وَلَا يُسْتَحَقُّ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ إلَّا بِهَا فَيَطْلُبُ حُكْمًا مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِهِ لَهُ أَنْ يَبْطُلَ بِإِبْطَالِهِ إنْ شَاءَ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ مِنْ اللُّزُومِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ طَالَ أَمْرُ الْمَجْرُوحِ، وَلَمْ يَبْرَأْ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِدِيَتِهِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَإِنْ مَضَتْ لِذَلِكَ سَنَةٌ، وَاخْتَارَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>