للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ فَعِلْم أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي رَمَضَانَ وَطَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ بِأَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فِي رَمَضَانَ أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا إنْ شَاءَ) .

ــ

[المنتقى]

[مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ]

(ش) : قَوْلُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْيَوْمِ وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ آخِرُ اللَّيْلِ فَعَلَى هَذَا كَانَ صَوْمُهُ مُسْتَحْسَنًا.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ أَهْلَهُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ وَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ) ش وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ دَخَلَ مِنْ سَفَرِهِ إلَى أَهْلِهِ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ سَفَرِهِ بِدُخُولِهِ إلَى أَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّوْمُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَذْهَبُ عَنْهُ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ بِدُخُولِهِ إلَى أَهْلِهِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُبَادِرَ إلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ فِي مَحِلِّهِ وَمَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ ذَلِكَ الْخَارِجَ لِسَفَرٍ لَا يَخْلُو أَنْ يُفْطِرَ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَفْطَرَ نَهَارًا قَبْلَ خُرُوجِهِ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّهُ يُكَفِّرُ سَوَاءٌ خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ خَرَجَ أَوْ أَقَامَ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي أُهْبَتِهِ لِلسَّفَرِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَفْطَرَ بَعْدَ الْأَخْذِ فِيهَا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي غَيْرِ الْوَاضِحَةِ إنْ خَرَجَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَامَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ فِطْرَهُ وُجِدَ قَبْلَ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ أَفْطَرَ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَخْرُجَ لِسَفَرِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ انْعِقَادِ الصَّوْمِ كَانَ مُسَافِرًا فَكَانَ لَهُ الْفِطْرُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْفَجْرِ بَعْدَ أَنْ نَوَى الصَّوْمَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ} [البقرة: ١٨٧] وَهَذَا أَمْرٌ مُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ تَخْتَلِفُ بِالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَإِذَا تَلَبَّسَ بِهَا فِي الْحَضَرِ، ثُمَّ سَافَرَ كَانَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا حَضَرِيَّةً كَالصَّلَاةِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَفْطَرَ فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ كِنَانَةٍ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَعْنًى لَوْ قَارَنَ أَوَّلَ الصَّوْمِ لَأَسْقَطَ الْكَفَّارَةَ فَإِذَا طَرَأَ بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّوْمِ أَبْطَلَ حُكْمَ الْكَفَّارَةِ كَالْمَرَضِ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بِأَنَّ هَذَا فِطْرُ عَمْدٍ صَادَفَ صَوْمًا قَبْلَ السَّفَرِ فَلَمْ يُبْطِلْ السَّفَرُ الْكَفَّارَةَ، أَصْلُ ذَلِكَ إذَا أَفْطَرَ قَبْلَ السَّفَرِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ لِإِبَاحَةِ السَّفَرِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَإِنْ دَخَلَ الْحَضَرَ وَالْمَرْأَةُ تُفْطِرُ لِأَجْلِ حَيْضَتِهَا فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُفْطِرَ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا، وَإِنْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فَإِذَا جَازَ لَهُمَا الْفِطْرُ جَازَ لَهُمَا الْجِمَاعُ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ لِعِلَّةٍ تُبِيحُ الْفِطْرَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَسْتَدِيمُ الْفِطْرَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَإِنْ زَالَتْ الْعِلَّةُ مِثْلُ الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمَرِيضِ يُطَمْئِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>