للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ فِيمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ (ص) : (يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» أَنَّهُ مِنْ خَرَجَ مِنْ الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِهِ مِثْلَ الزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ فَإِنَّ أُولَئِكَ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا وَلَمْ يُسْتَتَابُوا؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ، وَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسُرُّونَ الْكُفْرَ وَيُعْلِنُونَ الْإِسْلَامَ فَلَا أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلَاءِ، وَلَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِهِ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا عَلَى ذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ يُدْعَوْا إلَى الْإِسْلَامِ وَيُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ فِيمَا نَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَنْ خَرَجَ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَلَا مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْيَهُودِيَّةِ وَلَا مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إلَى الْإِسْلَامِ فَمَنْ خَرَجَ مِنْ الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِهِ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي عُنِيَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)

ــ

[المنتقى]

إنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ طَعَامًا فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ أَوْ تَضْمِينِهِ مِثْلَ طَعَامِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالصِّفَةِ وَيَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُودَعَ لَمْ يُبْطِلْ عَلَى الْمُودِعِ غَرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِضَاعَةً أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً لِنَفْسِهِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ بِضَاعَتِهِ أَوْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَى بِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رَامَ أَنْ يُبْطِلَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ مِنْ بِضَاعَتِهِ وَيَسْتَبِدَّ بِرِبْحِهَا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) وَابْتِيَاعُهُ لِنَفْسِهِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي مِنْ شَرْطِهَا التَّنَاجُزُ فِي الْمَجْلِسِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ دَرَاهِمَ فَصَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَنَانِيرُ فَصَرَفَهَا بِدَرَاهِمَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا مَا كَانَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا صَرَفَهَا بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُودِعُ، فَإِنْ صَرَفَهَا لِرَبِّهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا صَرَفَهَا بِهِ، وَإِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يَصْرِفُ هَذِهِ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ بِمِثْلِ دَنَانِيرِهِ فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَلِرَبِّهَا وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ ضَمِنَهُ الْمُتَعَدِّي بِخِلَافِ التَّعَدِّي فِي الْعُرُوضِ الَّتِي يَكُونُ رَبُّهَا مُخَيَّرًا فِي التَّعَدِّي عَلَيْهِ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صَرَفَ الدَّرَاهِمَ لِنَفْسِهِ صَحَّ الصَّرْفُ فِيهَا، وَإِذَا صَرَفَهَا لِصَاحِبِهَا كَانَ بِالْخِيَارِ فَمَنَعَ ذَلِكَ صِحَّةَ الصَّرْفِ فَإِنْ فَاتَ بِإِنْكَارٍ مِنْ صَارِفِهِ أَوْ مَغِيبِهِ لَمْ يَحُلَّ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ أَخْذُ عِوَضِهَا مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إمْضَاءٌ مِنْهُ لِصَرْفِ الْخِيَارِ.

وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَنَّ رِبْحَ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَبِيعَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْمُودِعِ وَلَا لِلْمُودَعِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ اشْتَرَى بِذَلِكَ الْمَالِ بِعَيْنِهِ فَالرِّبْحُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِمَالٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَقَضَى مِنْ الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لِلْمُودِعِ وَجْهُ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ اغْتَصَبَ عَدَدًا مَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ ثَوْبًا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَبِسَهُ أَوْ وَهَبَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إلَى صَاحِبِهِ يُرِيدُ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامُهُ فِي الْقَبْضِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّهُ إلَى الْوَدِيعَةِ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودَعِ تَنُوبُ عَنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَإِذَا نَوَى رَدَّهُ وَوَجَدَ مِنْهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا يُتِمُّ بِهِ ذَلِكَ فَقَدْ رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونَ فِي الْمَصْرُوفِ لَا يَبْدَأُ إلَّا بِرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ أَوْ عَلَى رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ أَبْيَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُحْكَمُ.

[الْقَضَاءُ فِيمَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ]

(ش) : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ مَعْنَاهُ فِيمَنْ خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَى غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُسْتَتَابُ فِيهِ كَالزَّنَادِقَةِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>