للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْمُشْتَرِي عَلَى تَصْدِيقِهِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْبَرَاءَةِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ بِالشَّرْطِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَعْلَمُهَا الْبَائِعُ وَيَشْتَرِطُ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا وَلَا يُسَمِّيهَا.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْبَرَاءَةَ ثَابِتًا فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً لِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ كِتْمَانِ عُيُوبِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْبَرَاءَةُ فِي كُلِّ بَيْعٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.

(فَرْعٌ) إنْ قُلْنَا إنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا فِي بَيْعِ السُّلْطَانِ أَوْ بَيْعِ السُّلْطَانِ وَالْمَوَارِيثِ، فَإِنْ بَاعَ السُّلْطَانُ أَوْ بَاعَ أَحَدٌ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بَيْعُ مَغْنَمٍ وَلَا بَيْعٌ عَلَى مُفْلِسٍ وَلَا بَيْعُ مَوَارِيثَ فَهَلْ يَكُونُ عَلَى الْبَرَاءَةِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ عَلَى الْبَرَاءَةِ إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ، وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ وَبَيْعَ مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ أَمْرٌ مَشْهُورٌ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ مُشَاهَدَةٍ وَجَمْعٍ فَيُحْمَلُ عَلَى حُكْمِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْجَهْلَ بِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ النَّاسَ إذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يُحْمَلُ بَيْعُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُبْتَاعُ أَنَّ الْبَائِعَ مِمَّنْ يَقْتَضِي بَيْعُهُ الْبَرَاءَةَ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ أَوْ الْإِمْسَاكِ، وَذَلِكَ كَعَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَرَثَةِ الْمَوَارِيثَ إذَا قُلْنَا إنَّهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَإِنَّمَا لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ.

(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَبَيْعِ السُّلْطَانِ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ مَشْهُورٌ وَلَا يَكَادُ يَخْفَى، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَبَيْعُهُ لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ بَيْعِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ مَعَ قَوْلِهِ إنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَكُونُ فِي بَيْعِ الرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَمَّا اُلْتُزِمَتْ وَصَادَفَتْ مَحَلَّهَا لَزِمَتْ الْعَقْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَاقِدُ بِمَحَلِّ ثُبُوتِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَرَاءَةَ الثَّانِيَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَثْبُتَ لِمَعْنًى فِي الْبَائِعِ وَالثَّانِي أَنَّ تَثْبُتَ بِالشَّرْطِ عَلَى رِوَايَةِ تَجْوِيزِ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَا تَثْبُتُ لِمَعْنًى فِي الْبَائِعِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِعُيُوبِ الْمَبِيعِ وَتَفْوِيتِ الثَّمَنِ بِدَفْعِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ كَبَيْعِ السُّلْطَانِ وَالْمَوَارِيثِ، فَفِي هَذَا إنْ اطَّلَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى عَيْبٍ قَبْلَ تَفْوِيتِ الثَّمَنِ أُقِيلَ مِنْهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ فِيهِ لِمَعْنَيَيْنِ الْجَهْلِ بِالْعُيُوبِ وَفَوَاتِ الثَّمَنِ، وَالثَّمَنُ قَائِمٌ بَعْدُ لَمْ يَفُتْ، وَأَمَّا إنْ قَامَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ تَفْوِيتِ الثَّمَنِ فَقَدْ لَزِمَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَلَا قِيَامَ لَهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا يَثْبُتُ بِاشْتِرَاطِ الْبَائِعِ الْبَرَاءَةَ فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْبَائِعُ فَاتَ الثَّمَنُ أَوْ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَزِمَهُ بِشَرْطٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَ بِنَفْسِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَبْيِينِ مَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ مِنْ الْعُيُوبِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَبْيِينِ مَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ مِنْ الْعُيُوبِ) ، وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ بَرَاءَةٌ خَاصَّةٌ وَبَرَاءَةٌ عَامَّةٌ، فَأَمَّا الْخَاصَّةُ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ، وَالثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالثَّالِثُ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ، فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَهُوَ إذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءِ الْأَمَةِ وَتَبَرَّأَ مِنْ حَمْلِهَا ظَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ ظَاهِرٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ هَاهُنَا غَيْرُ عَامِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ حَمْلٍ يَلْزَمُهُ بِإِجْمَاعٍ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَفْسُدُ ذَلِكَ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ حَمْلِ جَارِيَةٍ وَهُوَ مُقِرٌّ بِوَطْئِهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَجْهُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ نَقَلَ ضَمَانًا مُتَّفَقًا عَلَى مَحَلِّهِ فَوَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي جَوَازِهِ فَهُوَ بَيْعُ الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ حَمْلِهَا الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مَعَ إنْكَارِ وَطْئِهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ وَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ الْعَوْدِ لِكَثْرَةِ مَا يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ قِيمَتِهَا فَيَتَفَاوَتُ الْغَرَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>