للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

بِتَفَاوُتِ قِيمَتِهَا إنْ سَلِمَتْ مِنْ الْحَمْلِ أَوْ نَقْصِهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّائِعَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَهَذَا فِي السُّرِّيَّةِ، وَأَمَّا ذَاتُ الزَّوْجِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُرَدُّ لِحَمْلٍ يَظْهَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ ابْتَاعَهَا الْمُبْتَاعُ وَكَذَلِكَ الْمَشْهُورَةُ بِالزِّنَى حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِيهِمَا بِحَمْلٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَذْهَبُ مِنْهُمَا الْكَبِيرُ مِنْ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ حَمْلٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ الْحَمْلِ مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا أَوْ مَعَ نَفْيِهِ لِذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا، فَإِنْ نَفَى وَطْأَهَا فَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهَا، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ لَا يَضْمَنُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ قَدْ يُسْقِطُ مَا شُرِطَ فِيهِ وَرَجَعَ إلَى مُقْتَضَاهُ وَمُقْتَضَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ الْمُبْتَاعَ يَضْمَنُ الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ إنَّمَا يُرَدُّ فَاسِدُهُ إلَى مُقْتَضَى صَحِيحِهِ وَمُقْتَضَى صَحِيحِ هَذَا الْعَقْدِ أَنْ لَا يَضْمَنَ بِالْقَبْضِ فَكَذَلِكَ فَاسِدُهُ كَمَنْ شَرَطَ النَّقْدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا بَيْعُ الرَّائِعَةِ الظَّاهِرَةِ الْحَمْلِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ الْبَائِعُ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَيَنْتَفِي بِذَلِكَ الْغَرَرُ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حَمْلٍ ظَاهِرٍ وَلَا غَيْرِ ظَاهِرٍ فِي وَخَشٍ وَلَا غَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَشِرَاءُ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ الرَّمَكَةِ لِأَنَّهَا عُقُوقٌ وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالْإِبِلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ عُقُوقٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَجْهُ مَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مَنْ بَاعَ الرَّمَكَةَ أَوْ الشَّاةَ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَقَدْ أَخَذَ لِلْجَنِينِ ثَمَنًا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الْبَاقُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الْمَظْنُونَةِ، وَإِنْ زَادَتْ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ رُدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِنَاءٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ حَوَالَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْجَوَازِ فَإِنَّهُ إنْ اطَّلَعَ بَعْدَ وَقْتٍ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ كِنَانَةَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَاعَهَا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا قَالَ مَضَى الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُقُوقٍ، فَإِنْ كَانَ يُنْزِي عَلَيْهَا الْفَحْلَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَلَمْ يَجِدْهَا حَامِلًا فَلْيَرُدَّهَا، وَأَمَّا الْجَوَارِي، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُرْتَفَعَاتِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا يَزِيدُ فِيهَا الْحَمْلُ فَلَهُ رَدُّهَا.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا مَا لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ التَّبَرِّي بِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ لَا يَخْتَلِفُ وَضَرْبٌ يَخْتَلِفُ، فَأَمَّا مَا يَخْتَلِفُ كَالْعَوَرِ مِنْ ذَهَابِ الْعَيْنِ وَقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ بِتَسْمِيَتِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يَخْتَلِفُ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ وَالدَّبْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهَا بِالتَّسْمِيَةِ الْمُحْتَمَلَةِ حَتَّى يُبَيِّنَ الْمِقْدَارَ أَوْ يُرِيَهُ الْمُبْتَاعَ إنْ كَانَ شَاهِدًا؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ تَقَعُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَوْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْكَثِيرِ مِنْهُ لَمَا رَضِيَهُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ انْعَقَدَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ أَوْ يَثْبُتُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْعَقْدَ ثَابِتٌ وَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إنْ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى الْفَاحِشِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى السَّلَامَةِ إلَّا مِمَّا يَقْتَضِيه إطْلَاقُ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمُعْتَادُ مِنْهُ فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْفَاحِشِ الْمُتَفَاوِتِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا، فَإِنْ اطَّلَعَ بَعْدُ عَلَى عَيْبٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَبِأَنْ لَا يَمْنَعَ مِنْهُ مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>