للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

تَصِحُّ الْحِيَازَةُ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ بِيَدِ الرَّاهِنِ أَوْ بِيَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا لَوْ رَهَنَ نِصْفَ الْحَائِطِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّ يَدَ الْأَجِيرِ إنَّمَا نَابَتْ عَنْ يَدِ الرَّاهِنِ بِأَمْرِهِ فَإِذَا بَقِيَ لَهُ أَمْرٌ فِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ لِبَقَاءِ بَعْضِهِ غَيْرَ مَرْهُونٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ حَائِزًا مَحُوزًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ زَالَتْ يَدُ الْأَجِيرِ عَنْ جَمِيعِ الرَّهْنِ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَصَارَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ لِمَعْنًى آخَرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ غَيْرِ الرَّاهِنِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إذَا وُضِعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ قَيِّمِ رَبِّهِ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا يُرْهَنُ بَعْضُهُ فَلَيْسَ بِحَوْزٍ، وَإِنْ رُهِنَ جَمِيعُهُ فَذَلِكَ حِيَازَةٌ إلَّا فِي عَبْدِهِ قَالَ: وَحَوْزُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ الرَّهْنَ لَيْسَ بِحَوْزٍ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَدَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَحُوزًا مَعَ بَقَائِهِ بِيَدِ الرَّاهِنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ بِيَدِ زَوْجَةِ الرَّاهِنِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَصْبَغَ: أَنَّهُ إنْ حِيزَ الرَّهْنُ بِذَلِكَ عَنْ رَاهِنِهِ حَتَّى لَا يَلِيَ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْضَى فِيهِ فَهُوَ رَهْنٌ ثَابِتٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: يُفْسَخُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ: أَنَّ الزَّوْجَةَ تَحُوزُ لِنَفْسِهَا عَنْهُ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَحُوزَ لِغَيْرِهَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نَوْعٌ مِنْ الْحَجْرِ، وَلِذَلِكَ هِيَ مَمْنُوعَةٌ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَحُزْ الرَّهْنَ عَلَى الزَّوْجِ كَعَبْدِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ بِيَدِ أَخِي الرَّاهِنِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ أَخِي الرَّاهِنِ وَذَلِكَ لِضَعْفِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: أَمَّا فِي الْأَخِ فَذَلِكَ رَهْنٌ تَامٌّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الرَّهْنَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُنَافَاةِ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ وَالْمُعْتَادُ مِنْ حَالِ الْأَخِ أَنْ لَا يَمْنَعَ أَخَاهُ مِنْ مِثْلِ هَذَا فَلِذَلِكَ ضَعُفَتْ حِيَازَتُهُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْسِهِ بَائِنٌ عَنْهُ بِمِلْكِهِ فَأَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا وَضْعُ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ ابْنِ الرَّاهِنِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الِابْنُ فِي حِجْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَمَّا الِابْنُ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ الْبَائِنُ عَنْ أَبِيهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ وُضِعَ عَلَى يَدِهِ فُسِخَ وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ هَذَا فِي الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونَ فِي الِابْنِ وَالْبِنْتِ وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ] ١

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ) فَإِنَّهُ إذَا شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ كَوْنَ الرَّهْنِ عَلَى يَدَيْهِ جَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ، فَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهَا؛ لِجَوَازِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فَيَرُدَّ مِثْلَهَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا أُحِبُّ ارْتِهَانَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ إلَّا مَطْبُوعَةً لِلتُّهْمَةِ فِي سَلَفِهَا فَإِنْ لَمْ تُطْبَعْ لَمْ يَفْسُدْ الرَّهْنُ، وَلَا الْبَيْعُ، وَيُسْتَقْبَلُ طَبْعُهَا مَتَى عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ دُونَ الْأَمِينِ وَمَا أَرَى ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْفَى التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَيَخْفَى فِي الْعَيْنِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَبْيَنُ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ أَنَّهُ يَجُوزُ ارْتِهَانُهَا إذَا طُبِعَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَجَمِيعُ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ إذَا طُبِعَ عَلَيْهَا وَحِيلَ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ، وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ يُؤْكَلُ وَالْعَيْنَ تُنْفَقُ، وَيُؤْتَى بِمِثْلِهَا وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لَا يُؤْتَى بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ أَيْضًا، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَطْبَعَ مِنْهَا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّهُمَا إذَا اخْتَصَمَا فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُمَا اجْعَلَاهُ عَلَى يَدِ مَنْ رَضِيتُمَا فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَى بِأَحَدٍ جَعَلَهُ الْقَاضِي عِنْدَ مَنْ يَرْضَاهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا شَرَطَا مَنْ يُوضَعُ عَلَى يَدِهِ لَزِمَهُمَا ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>