للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةُ الْقِرَاضِ (ص) : (مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ لِمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَقَدْ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ فَضْلًا مِنْ الرِّبْحِ ثَانِيًا فِيمَا سَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّةِ الزَّكَاةِ الَّتِي تُصِيبُهُ مِنْ حِصَّتِهِ) .

(ص) : (مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مَنْ قَارَضَهُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ لِرَجُلٍ يُسَمِّيهِ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ أَجِيرًا بِأَجْرٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ) .

ــ

[المنتقى]

عَلَى قِرَاضِهِمَا قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ هُوَ حَسَنٌ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ يَعْمَلَ فَهُوَ أَجِيرٌ، وَالرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْمَالِ، وَالضَّمَانُ مِنْهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَدَا لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقْضِيَهُ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ يُرِيدُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ يَلْزَمُ بِتَغَيُّرِ عَيْنِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يَلْزَمُ مِنْهُ عَمَلٌ مُعْتَادٌ فَفِي مِثْلِهِ يَرْجِعُ بِهِ الْمَالُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَيْنِ لِتَمَكُّنِ الِانْفِصَالِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ بِأَنْ يَبْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى أَوْ يَسْتَأْنِفَ بِهِ تِجَارَةً ثَانِيَةً، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِرَاضَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ الَّتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَقَعُ الِانْفِصَالُ فِيهِ إلَّا وَهُوَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي انْعَقَدَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَعُودَ الْمَالُ عَيْنًا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي انْعَقَدَ بِهَا الْقِرَاضُ فَإِذَا ثَبَتَ الْأَصْلَانِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ مَا كَانَ عَيْنًا فَإِذَا غَيَّرَهُ فِي سِلْعَةٍ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ الْمَالُ عَيْنًا فَيُمْكِنُ الِانْفِصَالُ بِهِ وَيَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ تَرْكُهُ بِيَدِهِ إذَا صَارَ عَرْضًا لِيَتَخَلَّصَ لِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّتِي لَهَا عَمَلٌ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَنْ يَصِيرَ الْمَالُ عَيْنًا يُرَدُّ مِنْهُ رَأْسُ الْمَالِ وَيَتَخَلَّصُ بَعْدَ ذَلِكَ الرِّبْحُ لِتَصِحَّ الْمُقَاسَمَةُ فِيهِ.

[زَكَاةُ الْقِرَاضِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةَ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ إلَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ عَدَدًا مِنْ الرِّبْحِ يَنْفَرِدُ بِهِ ثُمَّ تَطْرَأُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرُبَّمَا اسْتَغْرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَدَدُ جَمِيعَ الرِّبْحِ فَيَسْقُطُ حَظُّ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مَعَ وُجُودِهِ وَاشْتِرَاطِهِ لَهُ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْجَوَازَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةَ الرِّبْحِ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ التَّتَارُكُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ جُزْءًا شَائِعًا فَكَانَ جَائِزًا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ النِّصْفَ وَرُبْعَ الْعُشْرِ وَلِلْعَامِلِ النِّصْفُ غَيْرُ رُبْعِ الْعُشْرِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ الزَّكَاةَ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِطَ زَكَاةَ الرِّبْحِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَ زَكَاةَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِي حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنْ اشْتَرَطَ زَكَاةَ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ الرِّبْحِ فَقَدْ قَالَ عِيسَى لَا يَجُوزُ، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ جَوَازَ ذَلِكَ وَجْهُ رِوَايَةِ عِيسَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْجَهَالَةِ، وَالْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا شَرَطَ عَلَيْهِ فِي رَأْسِ مَالِهِ فِي قِلَّتِهِ أَوْ كَثْرَتِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَثْبُتُ ذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ لَزِمَ رَبَّ الْمَالِ أَدَاءُ الزَّكَاةِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ زَكَاةَ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَزَكَاةَ الرِّبْحِ مِنْهُ، ثُمَّ تَقَعُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا شَرَطَ الْعَامِلُ الزَّكَاةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّمَا شَرَطَ عَلَيْهِ زِيَادَةَ جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا تَأْثِيرَ لِتَخْصِيصِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ كَمَا لَوْ شَرَطَ الزَّكَاةَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>