للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّرْغِيبُ فِي الصَّلَاةِ فِي رَمَضَانَ (ص) : «مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى اللَّيْلَةَ الْقَابِلَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْت الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ)

ــ

[المنتقى]

اسْمُ خُطْبَةٍ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ إنْ سَبَّحَ وَهَلَّلَ أَوْ سَبَّحَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَا لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى أَجْزَأَهُ وَفِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ إذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَتَكَلَّمَ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَجُمُعَتُهُمْ جُمُعَةٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ الْخُطْبَتَيْنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُهُمَا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ قَالَ «خَطَبَنَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ فَلَمَّا نَزَلَ قُلْنَا يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْت وَأَوْجَزْت فَلَوْ سَكَتَّ تَنَفَّسْت فَقَالَ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ فَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» .

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ سُنَّةِ الْخُطْبَةِ الطَّهَارَةُ وَهَلْ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَمْ لَا قَالَ سَحْنُونٌ إنْ خَطَبَ جُنُبًا أَعَادُوا الصَّلَاةَ أَبَدًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَهُوَ ذَاكِرٌ فَذَهَبَ إلَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إذَا خَطَبَ بِهِمْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ صَحَّتْ خُطْبَتُهُ وَإِنْ كَانَ ذَاكِرًا لِجَنَابَتِهِ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ وَقَدْ أَسَاءُوا إلَى مِثْلِ هَذَا قَصَدَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ فِيمَنْ خَطَبَ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ ثُمَّ ذَكَرَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَجْزَأَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الِاخْتِيَارُ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِنْ خَطَبَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَسَاءَ وَالْخُطْبَةُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَجْزَأَتْهُ خُطْبَتُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ ذَكَرَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَتَمَادَى فِي خُطْبَتِهِ وَاسْتَخْلَفَ لِلصَّلَاةِ أَجْزَأَهُمْ وَنَحْوَ هَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِنْ حُكْمِ الْخُطْبَةِ الِاتِّصَالُ بِالصَّلَاةِ اتِّصَالَ قُرْبٍ فَإِنْ خَطَبَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَصَلَّى فِي وَقْتِ الْعَصْرِ فِي غَيْمٍ قَالَ أَشْهَبُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدُوا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ قَرِيبٌ فَيُجْزِيهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[التَّرْغِيبُ فِي الصَّلَاةِ فِي رَمَضَانَ]

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ يَدُلُّ آخِرُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ نَافِلَةٌ وَصَلَاةُ النَّاسِ مَعَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِمَاعِ فِي النَّافِلَةِ فِي رَمَضَانَ وَفِعْلُهُمْ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ دُونَ غَيْرِهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى عَلَى وَجْهٍ مَا كَمَا خَصَّهُ بِالِاعْتِكَافِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِفَضِيلَةِ الْعَمَلِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ لِإِقْرَارِهِ لَهُمْ فِي اللَّيْلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ عَلَيْهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا زَالَتْ الْعِلَّةُ بِانْقِطَاعِ الْفَرْضِ بَعْدَهُ ذَهَبَ الْمَانِعُ وَثَبَتَ جَوَازُ الِاجْتِمَاعِ لِقِيَامِ رَمَضَانَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا مِنْ الْأَصْلِ قَالَ إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيَدَعَ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي وَقَاصِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ أَنَّهُ إنْ وَاصَلَ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ إمَّا لِإِرَادَتِهِ فَرْضَهَا فَقَطْ عَلَى مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَوْ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ فِيهِمْ مِنْ الْأَحْوَالِ وَالِاعْتِقَادِ مَا يَكُونُ الْأَصْلَحُ لَهُمْ فَرْضَ هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ لَمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فَإِنَّ مَا دَامَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>