للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَاذَا تَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ]

ــ

[المنتقى]

الْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِهَا وَحُكْمِ مَالِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَمَّا حُكْمُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَإِنَّهَا حُرَّةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ وِلَادَتُهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ فَأَمَّا إذَا تُوُفِّيَ وَهِيَ حَامِلٌ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَمْلُ بَيِّنًا فَقَدْ تَمَّتْ حُرْمَتُهَا فِي الشَّهَادَةِ وَالْمُوَارَثَةِ وَالْقِصَاصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ قَدْ يَظْهَرُ الْبَطْنُ وَيَقُولُ النِّسَاءُ هُوَ حَمْلٌ ثُمَّ يَنْفُشُ فَقَالَ إذَا ظَهَرَ وَاسْتَوْفَى تَمَّتْ حُرِّيَّتُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ عَنْ الْمُغِيرَةِ تُوقَفُ أَحْكَامُهَا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُوجِبَ إكْمَالُ حُرِّيَّتِهَا بِتَيَقُّنِ الْحَمْلِ بِهَا مَعَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَدْ وُجِدَا فَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِكَمَالِ حُرْمَتِهَا وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ مِنْ انْفِشَاشِهِ كَالْحَيْضِ يُحْكَمُ بِظُهُورِهِ عَلَى وَجْهِ الْعِدَّةِ، أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ بِانْتِفَاءِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ وُجُودُ الْحَمْلِ مَعَ وُجُودِ الْحَيْضِ وَتَكَرُّرِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ قَدْ يَظْهَرُ ثُمَّ يَنْفُشُ فَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْحَمْلِ إلَّا بِالْوِلَادَةِ، أَوْ الْإِسْقَاطِ فَيَجِبُ أَنْ تُوقَفَ أَحْكَامُهَا حَتَّى يُوجَدَ أَحَدُهُمَا، أَوْ يُعْدَمَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا تُوُفِّيَ السَّيِّدُ فَمَالُ أُمِّ الْوَلَدِ تَبَعٌ لَهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مُعْتَقٍ يَتْبَعُهُ مَالُهُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مِلْكٍ إلَى غَيْرِ مِلْكٍ فَيَتْبَعُهُ مَالُهُ كَالْعَبْدِ يَعْتِقُهُ سَيِّدُهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَهَا مِنْ حُلِيٍّ، أَوْ مَتَاعٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَهَا الْأَمْرُ الْمُسْتَنْكَرُ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ لَهَا مِنْ ثِيَابٍ إذَا عَرَفَ أَنَّهَا كَانَتْ تَلْبَسُهَا وَتَسْتَمْتِعُ بِهَا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى أَصْلِ الْعَطِيَّةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مَا كَانَ فِي ابْتِذَالِهَا وَلُبْسِهَا فَهُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهَا مِنْهُ مَا لَا يَسْتَنْكِرُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ لُبْسِهَا لَهُ وَابْتِذَالِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَنْ مِلْكٍ، وَأَمَّا مَا يُسْتَنْكَرُ مِثْلُهُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ الْهِبَةَ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ أَنْ تَلْبَسَهُ وَتَتَجَمَّلَ لَهُ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ وَهَبَهُ، أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ مَلَكَتْهُ بِأَيِّ وَجْهٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا مَا كَانَ.

وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا أَعْطَاهَا سَيِّدُهَا مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ فَذَلِكَ لَهَا إذَا مَاتَ وَمَا أَوْدَعَهَا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ كُلِّفَتْ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ، وَأَمَّا الْفِرَاشُ وَالْحُلِيُّ وَاللِّحَافُ وَالثِّيَابُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهَا فَذَلِكَ لَهَا يُرِيدُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ فِي لِبَاسِهَا وَابْتِذَالِهَا فَذَلِكَ لَهَا دُونَ بَيِّنَةٍ وَلَا يَكُونُ لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إذَا جَنَتْ ضَمِنَ سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بَيْنَهَا رَاجِعٌ إلَى الْجِنَايَةِ، وَفِي قَوْلِهِ قِيمَتِهَا رَاجِعٌ إلَى الْوَلَدِ الْجَانِيَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْتَدِيَهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهَا غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً لَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَدِيَهَا بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسَلِّمُهَا بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ إسْلَامِهَا.

(فَرْعٌ) وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي تَقْوِيمِهَا فَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُوَازَنَةِ خَالَفَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ جَنَتْ فَرَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَمَادَى الْمُغِيرَةُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: إنَّهَا تُقَوَّمُ فَهَلْ تُقَوَّمُ بِمَالِهَا، أَوْ بِغَيْرِ مَالِهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا، وَأَنَا أَرَى أَنْ تُقَوَّمَ بِمَالِهَا وَبِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَمَةَ الْجَانِيَةَ إذَا لَمْ تُسَلَّمْ لِيَمْلِكَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْجِنَايَةِ بِهَا تَعَلُّقٌ بِمَالِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ عَبْدٌ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنَّ مَالَهُ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَلَوْ عَفَا عَنْ قَتْلِهِ وَأَسْلَمَهُ لِيُمْلَكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَمَرَّةً قَالَ يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَشْهَبُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يَكُونُ مَالُهُ تَبَعًا لَهُ فَلَمَّا كَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ لَمْ تُسَلَّمْ لَمْ تَتَعَلَّقْ الْجِنَايَةُ بِمَالِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَقُوِّمَتْ أَمَةً فَأُسْلِمَتْ لَأُسْلِمَتْ بِمَالِهَا فَكَذَلِكَ إذَا قُوِّمَتْ وَجَبَ أَنْ تُقَوَّمَ بِمَالِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ أَنْ جَنَتْ فَتَرَكَتْ مَالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>