للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ٣] {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤]

ــ

[المنتقى]

(ش) : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَنَّهُ مُتَظَاهِرٌ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ جَمِيعِهِنَّ وَيُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ خِلَافًا لِأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَاحِدَةٌ وَظِهَارَهُ وَاحِدٌ فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً: لَا أَلْبَسُ الثَّوْبَ وَلَا آكُلُ الْخُبْزَ وَلَا أَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ حَنِثَ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْنَثَ فِي إحْدَاهُنَّ دُونَ الْأُخْرَى.

(فَرْعٌ) فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَقَدْ حَنِثَ فِي جَمِيعِهِنَّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يُكَفِّرَ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَسِيسِ، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الظِّهَارِ وَجَازَ أَنْ يَطَأَ سَائِرَهُنَّ دُونَ كَفَّارَةٍ تَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِكَفَّارَتِهِ إلَّا الْأُولَى قَالَهُ كُلَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِهَا غَيْرُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلَفْظِ ظِهَارٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فَيَقُولُ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ يَقُولُ لِلْأُخْرَى: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِلثَّالِثَةِ كَذَلِكَ وَيَقُولُ لِلرَّابِعَةِ كَذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ بِالْعَوْدَةِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الطَّعَامَ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَحَنِثَ لَزِمَتْهُ بِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِظِهَارٍ يَخُصُّهَا لَا يَحْصُلُ بِهِ حَانِثًا فِي الْأُخْرَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ إنْ دَخَلْنَ كُلُّهُنَّ الدَّارَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي جَمِيعِهِنَّ إلَّا كَفَّارَةٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَدْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِحُكْمِ نَفْسِهَا وَلِذَلِكَ إنْ دَخَلَتْ إحْدَاهُنَّ الدَّارَ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فِي غَيْرِهَا وَيَكُونُ مُظَاهِرًا فِي الَّتِي دَخَلَتْ خَاصَّةً فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي إفْرَادَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِظِهَارٍ يَخُصُّهَا، وَإِذَا كَانَ الظِّهَارُ يَخُصُّهَا لَزِمَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا قَالَ لَهُنَّ: إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ إنْ دَخَلَتْ إحْدَاهُنَّ الدَّارَ ثَبَتَ حُكْمُ ظِهَارِهِ مِنْ جَمِيعِهِنَّ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الظِّهَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَتَّى يَدْخُلَ جَمِيعُهُنَّ فَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنْ لَا يَنْفَرِدَ دُخُولُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِظِهَارٍ يَخُصُّهَا دُونَ غَيْرِهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِهِنَّ، وَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ لَا يَجِبُ بِهَا غَيْرُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ.

(فَرْعٌ) وَأَمَّا إذَا قَالَ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مُخَالِفٌ لِحُكْمِ قَوْلِهِ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْكُنَّ، وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْبَابَ كُلَّهُ بَابٌ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ إلَّا كَفَّارَةٌ وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلًا أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كَفَّارَة الظِّهَار]

(ش) : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] يَقْتَضِي أَنَّ الرَّقَبَةَ تُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَلَهَا صِفَاتُ الْإِسْلَامِ، وَالسَّلَامَةِ فَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِي فِي كَفَّارَةٍ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُجْزِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِسْلَامُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ رَقَبَةٌ مُخْرَجَةٌ عَلَى وَجْهِ الْكَفَّارَةِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْإِيمَانُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَيُجْزِي فِي ذَلِكَ الصَّغِيرُ، وَالْأَعْجَمِيُّ عَلَى حَسَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>