للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ لُقَطَةً فَجَاءَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إنِّي وَجَدْت لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: عَرِّفْهَا قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: زِدْ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَا آمُرُك أَنْ تَأْكُلَهَا، وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذْهَا) .

الْقَضَاءُ فِي اسْتِهْلَاكِ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ (ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَجِدُ اللُّقَطَةَ فَيَسْتَهْلِكُهَا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْأَجَلَ الَّذِي أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ، وَذَلِكَ سَنَةٌ أَنَّهَا فِي رَقَبَتِهِ إمَّا أَنْ يُعْطِيَ سَيِّدُهُ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ غُلَامُهُ وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِمْ غُلَامَهُ فَإِنْ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ الَّذِي أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ يُتَّبَعُ بِهِ وَلَمْ تَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ فِيهَا شَيْءٌ) .

ــ

[المنتقى]

صَاحِبِهَا بِحَالِهَا، وَكَذَلِكَ مُلْتَقِطُ اللُّقَطَةِ يَجِبُ أَنْ يَتَوَخَّى بِتَعْرِيفِهَا الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ مِنْهَا خَبَرُهَا وَيَصِلُ سَبَبُهُ إلَى صَاحِبِهَا فَيَذْكُرُ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَبِجَامِعِ الْأَسْوَاقِ فَإِنْ كَانَ بِطَرِيقٍ خَصَّ بِالسُّؤَالِ أَهْلَ تِلْكَ الْجِهَاتِ، وَمَنْ يَمُرُّ عَلَيْهَا وَلَا يَتْرُكُ إعْلَامَ غَيْرِهِمْ بِهَا، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ فَشَأْنَك بِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ لُقَطَةً فَجَاءَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: إنِّي وَجَدْت لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: عَرِّفْهَا قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: زِدْ، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَا آمُرُك أَنْ تَأْكُلَهَا، وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذْهَا) .

١ -

(ش) : سُؤَالُ نَافِعٍ ابْنَ عُمَرَ عَنْ اللُّقْطَةِ الَّتِي وَجَدَهَا عَلَى حَسْبِ مَا يَفْعَلُ الطَّلَبَةُ، وَمَنْ يُرِيدُ التَّخَلُّصَ مِنْ سُؤَالِ عُلَمَائِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ عَرِّفْهَا وَلَمْ يَحُدَّ لَهُ مُدَّةَ سَنَةٍ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُعَرَّفُ سَنَةً لِئَلَّا يَتَضَمَّنَ التَّحْدِيدُ إبَاحَةَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ لِأَهْلِ الْوَرَعِ، وَمَنْ يَخْتَصُّ بِهِ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِالْأَكْلِ لَهَا.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى لِصَاحِبِ اللُّقَطَةِ أَنْ يَأْكُلَهَا وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِهَا أَحَبُّ إلَيَّ وَيُخْبِرُ صَاحِبَهَا إذَا جَاءَ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا، وَإِنْ شَاءَ غَرِمَهَا لَهُ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَكْلَهَا لِئَلَّا يَتَسَرَّعَ النَّاسُ إلَيْهَا وَلِئَلَّا يُظَنَّ بِهِ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: " لَا آمُرُك بِأَكْلِهَا " وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لَهُ مَا لَا يَقْضِي مِنْهُ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ إذَا جَاءَ وَلَمْ يُجِزْ الصَّدَقَةَ، وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا، أَوْ أَكَلَهَا وَجَاءَ صَاحِبُهَا فَطَلَبَهَا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ.

[الْقَضَاءُ فِي اسْتِهْلَاكِ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ]

(ش) : وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ اللُّقَطَةِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحَقِّ صَاحِبِهَا فَإِذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا الْعَبْدُ، أَوْ اسْتَهْلَكَ فَفِي رَقَبَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ سَوَاءٌ أَكَلَهَا، أَوْ أَكَلَ ثَمَنَهَا، أَوْ وَهَبَهَا، أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا أَكَلَهَا جِنَايَةٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ فَإِمَّا أَنْ يَفْتَدِيَهُ بِغُرْمِ مَا اسْتَهْلَكَ وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدَبَّرًا فَقَالَ أَشْهَبُ وَالْمُغِيرَةُ إمَّا أَنْ يُسَلِّمَ السَّيِّدُ خِدْمَتَهُ يُسْتَخْدَمُ بِقَدْرِ مَا جَنَى ثُمَّ يَعُودُ إلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ وَأُتْبِعَ بِمَا بَقِيَ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَعَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ قِيمَةِ مَا أُتْلِفَ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَفِي رَقَبَتِهِ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا اسْتَهْلَكَ وَإِمَّا عَجَزَ ثُمَّ يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ بِهَا عَبْدًا وَبَيْنَ أَنْ يَفْتَدِيَهُ وَيَبْقَى لَهُ عَبْدًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ الَّذِي أَجَّلَ فِي اللُّقَطَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ يُرِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِمْسَاكِ مُدَّةَ السَّنَةِ فِي الْعَبْدِ يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُعَرِّفْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَرَّفْتُهَا لَكَانَ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ التَّعْرِيفَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا بَعْدَ السَّنَةِ إلَّا تَعْرِيفُهَا فِي مُدَّةِ السَّنَةِ وَلَوْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ أَعْوَامًا لَا يُعَرِّفُهَا لَا يَسْتَبِيحُ بِذَلِكَ إنْفَاقَهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَبَاحَ هَذَا بَعْدَ تَعْرِيفِ سَنَةٍ فَقَالَ عَرِّفْهَا سَنَةً قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>