للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ فَسَأَلَ الَّذِي سَقَاهُ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ قَدْ سَمَّاهُ فَإِذَا نَعَمٌ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَهُمْ يَسْقُونَ فَحَلَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا فَجَعَلْته فِي سِقَاءٍ فَهُوَ هَذَا فَأَدْخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدَهُ فَاسْتَقَاءَهُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَهَا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ جِهَادُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنْ دَعْهُ وَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ زَكَاةً مَعَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ زَكَاةَ مَالِهِ فَكَتَبَ عَامِلُ عُمَرَ إلَيْهِ يَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنْ خُذْهَا مِنْهُ) .

زَكَاةُ مَا يُخْرَصُ مِنْ ثِمَارِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» ) .

ــ

[المنتقى]

يُرِيدُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّهُ شَرِبَ لَبَنًا فَأَعْجَبَهُ يُرِيدُ اسْتَطَابَهُ فَسَأَلَ مَنْ سَقَاهُ إيَّاهُ فَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَدْخَلَ عُمَرُ يَدَهُ فَاسْتَقَاءَهُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّبَنَ كَانَ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَلَعَلَّهَا لَمْ تَبْلُغْ مَحِلَّهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّبَنُ أُعْطِيَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَصْنَافِ الصَّدَقَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا فَلِذَلِكَ اسْتَقَاءَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنَّمَا اسْتَقَاءَهُ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ وَهُوَ لَا يَسْتَدِيمُ لَذَّتَهُ وَلَا يُسَوِّغُ نَفْسَهُ لَذَّةً أَصْلُهَا مَحْظُورٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا قَصْدًا وَهَذَا نِهَايَةٌ فِي الْوَرَعِ وَالتَّوَقِّي، وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَقَاهُ إيَّاهُ عَبْدُهُ وَلَعَلَّهُ قَدْ أَخْرَجَ قِيمَتَهُ مَعَ ذَلِكَ وَأَوْصَلَهَا إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي حَلَبَ لَهُ هَذَا اللَّبَنَ مُسْتَحِقًّا لِلصَّدَقَةِ لَمَا حَرُمَ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَصْدُ إلَى شُرْبِهِ وَلَجَازَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا جَازَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْلُ اللَّحْمِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَقَالَ هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ بِالشُّرْبِ وَلَا فَائِدَةَ فِي أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْكِ الِانْتِفَاعِ بِهِ تَوَرُّعًا.

وَقَدْ سَأَلَ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ عِيسَى بْنَ دِينَارٍ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ مِثْلُ هَذَا أَكَانَ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ عِيسَى نَعَمْ مَا أَحْسَنَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّنَاهِي فِي الْوَرَعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ اللَّازِمُ لَهُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ فِي وُجُوبِ دَفْعِهِ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جِهَادُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْهُ وَهَكَذَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ لَمَّا مَنَعُوا الزَّكَاةَ جَاهَدَهُمْ عَلَيْهَا وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صَوَابِ فِعْلِهِ فِي ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ هَاهُنَا بِالْفَرِيضَةِ الزَّكَاةَ خَاصَّةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ سَائِرَ الْحُقُوقِ الَّتِي يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ رَجُلًا مَنَعَ الزَّكَاةَ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ وَالْوَالِي مِنْ مُطَالَعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ وَأَخْذِ رَأْيِهِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَمَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ دَعْهُ وَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ الْمُسْلِمِينَ تَلَطُّفٌ مِنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي إغْرَاءِ الرَّجُلِ الْمَانِعِ لِلزَّكَاةِ بِأَدَائِهَا وَتَوْبِيخًا لَهُ وَتَبْيِينًا لِقُبْحِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ فِعْلُهُ فَلَمَّا عَلِمَ مِنْ حَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَنَّهُ مِمَّنْ يُمَيِّزُ مِثْلَ هَذَا وَلَا يُزْجَرُ بِهِ وَلَا يَرْضَى بِالْإِصْرَارِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَصَرَّ هَذَا الْمَانِعُ لِلزَّكَاةِ عَلَى الْمَنْعِ وَتَمَادَى لَمَّا أَقَرَّهُ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَقَهَرَهُ عَلَى دَفْعِهَا وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى قَتْلِهِ وَلَكِنَّ هَذَا مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَتَلَطُّفِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبِيخِ قَبْلَ الْجِهَادِ وَالْقَتْلِ وَمَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَعِظَهُ الْوَالِي وَيُوَبِّخَهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْمَنْعِ أَجْبَرَهُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ وَهَذَا فِيمَا إلَى الْإِمَامِ قَبْضُهُ مِنْ الْحَبِّ.

[زَكَاةُ مَا يُخْرَصُ مِنْ ثِمَارِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ]

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>