للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ) .

ــ

[المنتقى]

[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [مِيرَاثُ الصُّلْبِ]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرِثُوا بِالتَّعْصِيبِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ رِجَالًا وَنِسَاءً وَالثَّانِي أَنْ يَرِثُوا بِالْفَرْضِ وَهُوَ أَنْ يَكُنَّ نِسَاءً فَإِنْ وَرِثُوا بِالتَّعْصِيبِ وَكَانُوا رِجَالًا فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ لِتَسَاوِيهِمْ فِي سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَصِفَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] وَأَمَّا إنْ وَرِثَ الْبَنَاتُ بِالْفَرْضِ لِانْفِرَدِاهِنَّ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُنَّ وَاحِدَةً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: ١١] ، وَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ فَرْضَ الْبِنْتَيْنِ فَمَا زَادَ الثُّلُثَانِ وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فَرْضُهُمَا النِّصْفُ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ النِّسَاءِ فَرْضُ وَاحِدَتِهِنَّ النِّصْفُ فَإِنَّ فَرْضَ الْبِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ الثُّلُثَانِ أَصْلُ ذَلِكَ الْأَخَوَاتُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ مَعَ الْبِنْتِ، أَوْ الْبَنَاتِ ذُو فَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ يَسْتَحِقُّ بَاقِيَ الْمَالِ دَفَعَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَفَعَ بَاقِيَ التَّرِكَةِ إلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُرَدَّ عَلَى الْبَنَاتِ وَلَا عَلَى ذِي فَرْضٍ مِنْ هَذَا عَلَى قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ إلَّا ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَرُدَّ عَلَى أَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ لَمْ يَرُدَّ عَلَى ابْنَةِ الِابْنِ مَعَ ابْنِ الْبِنْتِ وَلَا عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَلَا عَلَى وَلَدِ الْأُمِّ مَعَ الْأُمِّ وَلَا عَلَى الْجَدَّةِ مَعَ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ رُدَّ عَلَيْهِنَّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى زَوْجٍ وَلَا زَوْجَةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] وقَوْله تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] .

فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لَهَا الْكُلَّ، وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الْبَارِيَ جَلَّ وَعَزَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ جَعَلَ حُكْمَهُمَا وَاحِدًا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا ذُو سَهْمٍ لَا تَعْصِيبَ لَهُ فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ يُرِيدُ فِي الْوَلَدِ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ يُرِيدُ أَنَّ الْبَنَاتَ إذَا كَانَ مَعَهُنَّ ابْنٌ ذَكَرٌ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالتَّعْصِيبِ فَإِذَا شَرِكَهُمْ مَنْ لَهُ فَرْضٌ كَأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الزَّوْجَيْنِ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ؛ لِأَنَّ الِابْنَ قَدْ نَقَلَهُنَّ مِنْ الْفَرْضِ إلَى حُكْمِ التَّعْصِيبِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْفُرُوضِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَلَوْ انْفَرَدَ الْبَنَاتُ لَكِنْ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ يَبْدَأْنَ كَمَا يَبْدَأُ غَيْرُهُنَّ فَإِنْ وَسِعَ الْفَرَائِضَ الْمَالُ وَإِلَّا دَخَلَ الْفَرِيضَةَ الْعَوْلُ فِي قَوْلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا فِي بَيَانِ مَنْ يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالثَّانِيَةُ فِي بَيَانِ الْفَرِيضَةِ الْمُسَمَّاةِ فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ وَهُمْ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ، وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَالزَّوْجُ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَمِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ وَهُنَّ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَتْ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ وَأَمَّا الْفَرَائِضُ الْمُقَدَّرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَسِتَّةٌ النِّصْفُ وَنِصْفُ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبْعُ وَنِصْفُ الرُّبْعِ وَهُوَ الثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُ الثُّلُثَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>