للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَدْيُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إذَا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ وَأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْت فَإِذَا أَدْرَكَك الْحَجُّ قَابِلًا فَاحْجُجْ وَاهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ)

ــ

[المنتقى]

الْأَجْسَامِ فَإِنَّهُ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا التَّجَمُّلُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ لَيْسَ عَلَيْهَا إذَا طَاوَعَتْهُ إلَّا الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ يُرِيدُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَالْهَدْيَ يَلْزَمُهُمَا وَإِنَّمَا خُصَّ بِذَلِكَ حَجٌّ قَابِلٌ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَقْتٍ يُمْكِنُهَا فِيهِ جَبْرُ مَا أَفْسَدَا مِنْ حَجِّهِمَا وَلَا يَخْتَصُّ الْقَضَاءُ بِالْعَامِ الْمُقْبِلِ اخْتِصَاصًا يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْوَامِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْجِيلِ الْقَضَاءِ وَلِذَلِكَ لَا نَقُولُ فِي الْعُمْرَةِ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ يَقْضِيهَا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ بَلْ يَحِلُّ مِنْ الْعُمْرَةِ الَّتِي أَفْسَدَ وَيَشْرَعُ فِي الْقَضَاءِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فِي الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا قَضَاءُ الْعُمْرَةِ الَّتِي أُفْسِدَتْ وَالْهَدْيُ ذَكَرَ حُكْمَ الْعُمْرَةِ فِي هَذَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ الْحَجِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ فَسَادُهَا لِلْعُمْرَةِ إذَا كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ إكْمَالِ السَّعْيِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ التَّمَادِي فِيهَا ثُمَّ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ إكْمَالِ السَّعْيِ فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَفْسُدُ.

[هَدْيُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ لَمَّا كَانَ بِالنَّازِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ يَقْتَضِي مَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ فَوَاتِ الْحَجِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَبَبَ فَوَاتِ الْحَجِّ إمَّا لِأَنَّهُ شُغِلَ بِطَلَبِهَا وَهُوَ يَقْدِرُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ فَتَتَابَعَ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا قُدِّرَ فِيهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِيهِ فَأَخْلَفَهُ تَقْدِيرُهُ وَلَمْ تُدْرِكْهُ وَأَمَّا لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الْحَجِّ بِعَدَمِ رَوَاحِلِهِ الَّتِي كَانَ يَتَوَصَّلُ بِهَا فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ بِمِنًى وَلَمْ يَصِلْ إلَى عَرَفَةَ فِي وَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ فَذِكْرُ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ إضْلَالِ رَوَاحِلِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ فَوَاتِ حَجِّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ خَاصَّةً لِأَنَّ حُكْمَهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ سَبَبِهِ لِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ بِمَرَضٍ أَوْ بِخَفَاءِ هِلَالٍ أَوْ لِشُغْلٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ غَيْرَ الْعَدُوِّ الْمَانِعِ فَحُكْمُهُ وَاحِدٌ لَا يَحِلُّهُ إلَّا الْبَيْتُ وَيَحُجُّ قَابِلًا وَيُهْدِي أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ.

(مَسْأَلَةٌ)

فَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُتِمَّ عَمَلَهُ عُمْرَةً يَتَحَلَّلُ بِهَا وَيُهْدِي وَبَيْنَ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ وَالتَّحَلُّلُ أَفْضَلُ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْت يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ كَامِلَةٍ بِطَوَافِهَا وَسَعْيًا بِنِيَّتِهَا يَتَحَلَّلُ بِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ يَسْتَأْنِفُ لَهَا طَوَافًا وَسَعْيًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَنْقَلِبُ إحْرَامُهُ فَيَصِيرُ عُمْرَةً وَيَكُونُ بِطَوَافِهِ وَسَعْيِهِ وَحِلَاقِهِ مُتَحَلِّلًا مِنْ الْعُمْرَةِ لَا مِنْ الْحَجِّ الْفَائِتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ لَوْ يَنْقَلِبُ عُمْرَةً لَكَانَ قَدْ انْفَسَخَ عَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ وَالْفَسْخُ مَفْسُوخٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ مَنْ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ بِنُسُكٍ لَمْ يَنْقَلِبْ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ.

(فَصْلٌ)

فَإِنْ أَدْرَكَك الْحَجُّ قَابِلًا فَاحْجُجْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَاهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>