للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَامِعُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ) .

ــ

[المنتقى]

حُكْمَ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَوَطْءَ الْمِلْكِ يَهْدِمُ حُكْمَ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً وَطِئَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَسْتَبْرِئَ بِحَيْضَةٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الشُّهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَاشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ بَاعَهَا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَسْتَبْرِئُهَا بِحَيْضَتَيْنِ إذَا كَانَ بَيْعُهُ إيَّاهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً بَعْدَ طَلَاقِهِ إيَّاهَا، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً قَالَهُ مَالِكٌ وَلِهَذِهِ الْحَيْضَةِ حُكْمُ الْعِدَّةِ لِأَنَّ بِهَا تَتِمُّ عِدَّتُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ ثُمَّ بَاعَهَا، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَبْرِئُهَا إلَّا بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا عِدَّةٌ، وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ قَدْ انْقَضَتْ وَاسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بِحَيْضَةٍ خَرَجَتْ إلَى مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) : وَلَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ زَوْجَتَهُ فَعَجَزَ فَرَجَعَ رَقِيقًا فَأَخَذَهَا السَّيِّدُ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: إنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا فَعِدَّتُهَا حَيْضَةٌ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ حَيْضَتَيْنِ قَالَ وَتَعْتَدُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَسْخٍ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ فَفِيهِ مِثْلُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَوْ وَطِئَهَا الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا لَصَارَتْ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَبَطَلَتْ عِدَّةُ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا وُطِئَتْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فَعِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: عِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ: عِدَّتُهَا شَهْرَانِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ الْأَشْهُرَ بَدَلٌ مِنْ الْأَقْرَاءِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ بِكَثْرَةِ الْأَقْرَاءِ وَقِلَّتِهَا كَالتَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ بَدَلٌ مِنْ الْغُسْلِ، وَالْوُضُوءِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، وَالصُّغْرَى.

[جَامِعُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ]

(ش) : وَقَوْلُهُ فِي الَّتِي تَحِيضُ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا: تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ غَيْرَ ابْنِ نَافِعٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ خَمْسَ سِنِينَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَتْ يَائِسَةً مِنْ الْمَحِيضِ اعْتَدَّتْ بِالسَّنَةِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قَالَ سَحْنُونَ وَأَصْحَابُنَا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التِّسْعَةَ أَشْهُرٍ هِيَ أَمَدُ الْحَمْلِ الْمُعْتَادِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: حَائِضٌ وَغَيْرُ حَائِضٍ فَأَمَّا الْحَائِضُ فَهِيَ الَّتِي قَدْ رَأَتْ الْحَيْضَ، وَلَوْ مَرَّةً فِي عُمْرِهَا ثُمَّ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْيَأْسِ مِنْهَا فَهَذِهِ إذَا طَلُقَتْ فَحُكْمُهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، فَإِنْ لَمْ تَرَ حَيْضًا انْتَظَرَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَ أَبَدًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ التِّسْعَةَ الْأَشْهُرِ مُدَّةُ الْحَمْلِ الْمُعْتَادِ فَالْغَالِبُ أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ إنْ كَانَ بِهَا أَوْ تَتَحَقَّقَ الْمَرْأَةُ عَلَامَاتِهِ وَتُحِسَّ بِهِ فَإِذَا سَلِمَتْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ سَلَامَتُهَا مِنْ الْحَمْلِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهَا رِيبَةٌ غَيْرُ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ، وَقَدْ يَرْتَفِعُ كَثِيرًا مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ فَلَا يَدُلُّ ارْتِفَاعُهُ عَلَى الْحَمْلِ فَإِذَا انْقَضَتْ التِّسْعَةُ وَلَا تَمَسُّ شَيْئًا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَكْثَرُهُ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الْيَائِسَةِ مِنْ الْمَحِيضِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ التَّرَبُّصُ بِالتِّسْعَةِ أَشْهُرٍ وَعَدَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>