للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَسَامَةُ فِي الْعَبِيدِ (ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبِيدِ أَنَّهُ إذَا أُصِيبَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، ثُمَّ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ، وَلَيْسَ فِي الْعَبْدِ قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ قَسَامَةٌ وَلَا يَمِينٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ سَيِّدُهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت) .

ــ

[المنتقى]

الدِّيَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَنْ لَمْ يَنْكُلْ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَأْخُذَ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهَا لَوْ حَلَفَ جَمِيعُهُمْ، وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ نَكَلَ، وَمَنْ غَابَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ حَتَّى يَكْبُرَ الصَّغِيرُ، وَيَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَحْلِفَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَأْخُذَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ ثَبَتَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ مُؤَجَّلَةٌ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَإِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَالتَّحَمُّلِ عَنْ الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا يُقْسِمُ فِي الْخَطَإِ عَلَى الْقَاتِلِ إنْ كَانَ وَاحِدًا، وَعَلَى جَمِيعِهِمْ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً، وَلَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَتَبَعَّضُ، وَتُقَسَّطُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَيَجِبُ تَسَاوِي عَاقِلَةِ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِيهَا بِحَسَبِ مَا يُصِيبُهُ مِنْهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَمِينُ الْوَرَثَةِ عِنْدِي فِي قَسَامَةِ الْخَطَإِ عَلَى الْبَتِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَطَلَ حَقُّهُ، مَعْنَاهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الْقَسَامَةِ فِي التَّوَارُثِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ نَصِيبُ مَنْ نَكَلَ إلَى الْعَاقِلَةِ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ نَكَلُوا دَفَعُوا ذَلِكَ إلَى مَنْ نَكَلَ دُونَ يَمِينٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي اعْتِبَارُ الْحُقُوقِ وَالْمَالِ، وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ الْغَارِمُونَ وَلِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ لَوْ أَقَرَّ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فَلِذَلِكَ تَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِالْعَاقِلَةِ دُونَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ خَطَأً لَمْ يَجِبْ بِهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ شَيْءٌ إذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ ثَبَتَ عَلَى شَهَادَتِهِ فَفِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ، وَعَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ نَكَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ نَكَلَ جَمِيعُ وُلَاةِ الْقَتِيلِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الْعَاقِلَةَ فَإِنْ نَكَلُوا غَرِمُوا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّعْوَى تَئُولُ إلَى مَالٍ فَاعْتُبِرَتْ فِي النُّكُولِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

[الْقَسَامَةُ فِي الْعَبِيدِ]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْعَبْدَ إذَا قُتِلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَجَاءَ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ مِنْ قَتْلِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ قَامَ شَاهِدٌ عَلَى حُرٍّ أَنَّهُ قَتَلَ عَبْدًا لَحَلَفَ سَيِّدُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَخْتَلِفُ فِي هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَ، وَيُجْلَدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْعَبِيدِ قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيَبْرَأُ قَالَ أَشْهَبُ، وَيُضْرَبُ مِائَةً، وَيُسْجَنُ سَنَةً فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّيِّدُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَاسْتَحَقَّ قِيمَةَ عَبْدِهِ مَعَ الضَّرْبِ وَالسِّجْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا ضَرْبَ وَلَا سَجْنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ وَسُجِنَ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا السَّجْنُ اسْتِبْرَاءٌ، وَكَشْفٌ عَنْ أَمْرِهِ، وَيُضْرَبُ أَدَبًا وَلَا يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً إلَّا مَنْ يَمْلِكُ سَفْكَ دَمِهِ بِقَسَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحْلَفٌ فِي دَمِ مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ سَفْكُهُ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا كَقَتْلِ الْحُرِّ خَطَأً، وَوَجْهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَالٌ فَلَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ تُبْرِئُ مِنْ الدَّعْوَى كَالدُّيُونِ، وَإِنَّمَا يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا رَدْعًا عَنْ الدِّمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>