للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَصِيدُ الصَّيْدَ وَهُوَ حَلَالٌ، ثُمَّ يَقْتُلُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَبْتَاعُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، ثُمَّ يَقْتُلُهُ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ)

ــ

[المنتقى]

قِيمَتُهُ بِالطَّعَامِ وَلَا جَرَتْ عَادَةٌ بِشِرَاءِ مِثْلِهِ بِالطَّعَامِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ فَيُتَوَصَّلُ بِمَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمِثْلُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ لِلتَّقْوِيمِ وَلَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَحْقِيقِهِ فَإِذَا كَثُرَتْ بِهِ مَوَاضِعُ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ غَيْرُ الْخَطَأِ فِيهِ، وَالْعُدُولُ عَنْ وَجْهِ الصَّوَابِ فِي تَقْوِيمِ مَا يُرَادُ تَقْوِيمُهُ بِهِ مَعَ أَنَّ تَقْوِيمَ الصَّيْدِ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ تَقْوِيمُ الدَّرَاهِمِ بِالطَّعَامِ لَا يُخَالِفُ تَقْوِيمَ الصَّيْدِ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَقْوِيمُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّنَا لَا نَشُكُّ أَنَّ قِيمَةَ الْفِدْيَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النَّعَامَةِ بِكَثِيرٍ فَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ فَقَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ النَّعَامَةِ بِكَثِيرٍ فَلِذَلِكَ افْتَرَقَا.

[وَفِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ التَّقْوِيمِ]

وَفِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ التَّقْوِيمِ) .

وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ يَحْيَى يَنْظُرُ كَمْ يُشْبِعُ الصَّيْدُ مِنْ نَفْسٍ، ثُمَّ يُخْرِجُ قَدْرَ شِبَعِهِمْ طَعَامًا وَبِمِثْلِ هَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٌ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَنْظُرُ إلَى مَا يُسَاوِي مِنْ الطَّعَامِ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ.

وَجْهُ قَوْلِ يَحْيَى أَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِمِقْدَارِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْدَمُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَلَوْ رَاعَيْنَا الْقِيمَةَ لَأَعْدَمْنَا دَمَ كَثِيرٍ مِنْ الْحَيَوَانِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَ كُلَّهُ تُرَاعَى قِيمَتُهُ عَلَى حَسَبِ مَا هُوَ حِينَ إتْلَافِهِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ بِالشِّبَعِ مِنْهُ لَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ قِيمَةِ جِلْدِهِ وَلَا اعْتَبَرْنَا فِي قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حِينَ إتْلَافِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ حَيًّا وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَتْلَفَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ قُلْنَا بِرِوَايَةِ يَحْيَى فِي مُرَاعَاةِ الشِّبَعِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَوَّمَ حَيًّا وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِقْدَارُ لَحْمِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ وَكَمْ عَدَدُ مَنْ شَبِعَ مِنْ لَحْمِهِ.

(فَرْعٌ) وَلَا تُعْتَبَرُ فَرَاهِيَةُ الصَّيْدِ وَلَا جَمَالُهُ وَالْفَارِهُ وَغَيْرُ الْفَارِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَهُ مَالِكٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْمِثْلَ مِنْ جِهَةِ الْآحَادِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَقْتَضِي أَنْ يُخْرِجَ عَنْ صَغِيرِ النَّعَمِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى مِقْدَارِهَا مِنْ الْبَدَنَةِ وَالْفَصِيلِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ جِهَةِ الْجِنْسِ وَالْخَلَفِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِ التَّقْوِيمِ] ١

الَّذِي قَالَهُ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ تُرَاعَى قِيمَتُهُ حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ إنْ كَانَ لَهُ هُنَاكَ قِيمَةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ هُنَاكَ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ اسْتِيطَانٍ وَلَا مَقَامٍ وَلِأَنَّهُ أَنِيسٌ اُنْتُقِلَ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِمَّا يُمْكِنُ التَّقْوِيمُ فِيهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا هُوَ تَرْتِيبٌ عَلَيْهِ هُنَاكَ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ، وَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى أَيْضًا ذَلِكَ الْوَقْتُ وَذَلِكَ الْإِبَّانُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَهَذَا عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ يَحْيَى فَلَا يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَإِنَّمَا يُرَاعَى الشِّبَعُ خَاصَّةً مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الصَّيْدِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَوْضِعِ إخْرَاجِ الْجَزَاءِ] ١

وَذَلِكَ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ إنْ كَانَ فِيهِ مَنْ يَقْبَلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْ يَقْبَلُهُ فَفِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ يَكُونُ فِيهِ مَنْ يَقْبَلُهُ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْقِيمَةَ إذَا رُوعِيَ فِيهَا سِعْرُ الْبَلَدِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ بِهِ وَإِلَّا كَانَ فِي ذَلِكَ إسْقَاطُ بَعْضِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ غَلَاءِ السِّعْرِ فَيُخْرِجُهُ فِي مَوْضِعِ رُخْصِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ أَخْرَجَهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْمَدِينَةِ وَيُطْعِمُ بِمِصْرَ إنْكَارًا لِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ يُجْزِئُهُ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ وَغَيْرُهُمَا يُجْزِئُهُ.

وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ مَبْنِيٌّ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ نَفْسَهُ يُقَوَّمُ بِالطَّعَامِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِالطَّعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>