للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَمَنْ قَالَ: فُلَانٌ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ أَرَادَ التَّدْبِيرَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَإِلَّا فَهِيَ وَصِيَّةٌ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ كُلَّ عِتْقٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى التَّدْبِيرِ فَيَقُولَ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ إحْدَاثِ وَصِيَّةٍ فَهُوَ تَدْبِيرٌ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا عَتَقَ الْمَرِيضُ، أَوْ الْحَامِلُ أَوْ تَصَدَّقَ وَلَمْ يَقُلْ إنْ مِتُّ ثُمَّ صَحَّ فَقَالَ أَرَدْت إنْ مِتُّ، وَقَالَ الشُّهُودُ ظَنَنَّا أَنَّهُ أَرَادَ الْبَتْلَ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى قَصْدِهِ.

وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ بَعْضُ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ مَا قَالَا عَنْهُ، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ أَرَادَ الْوَصِيَّةَ فَهِيَ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَتَنْفُذُ، وَقَالَ عَنْهُ عَلِيٌّ فِي مَرِيضٍ قِيلَ لَهُ أَوْصِ فَقَالَ فُلَانٌ حُرٌّ ثُمَّ صَحَّ فَقَالَ أَرَدْت بَعْدَ مَوْتِي فَذَلِكَ لَهُ.

وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ لَفْظَ إيقَاعِ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ ظَاهِرُهُ الْبَتْلُ وَتَعْلِيقُهُ ذَلِكَ بِشَرْطٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْعَقْدِ وَمَا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ قَلَّدَ مِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلُوهُ لِدَلَالَةِ مَا قُلْنَاهُ لَهُ، وَإِنْ عَرَا عَنْ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمُقْتَضَاهُ الْبَتْلُ، وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْمَخْزُومِيِّ فِيمَنْ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ: لِفُلَانٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ صَدَقَةً وَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ وَفُلَانٌ مُدَبَّرٌ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ صَحَّ، وَقَالَ: لَمْ أَقُلْ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا فِي التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إلَى عَقْدِ وَصِيَّتِهِ فَكَانَ لَفْظُهَا مَحْمُولًا عَلَى مَعْنَاهَا إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِاللُّزُومِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكُمُ، وَإِنْ عَرَا عَنْ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَمُقْتَضَاهُ الْبَتْلُ، وَأَمَّا إذَا قِيلَ: أَوْصِ، فَقَالَ: فُلَانٌ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت الْوَصِيَّةَ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَمَّا كَانَ جَوَابًا لِمَا عُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَكَانَ الظَّاهِرُ حَمْلَهُ عَلَيْهَا، وَهَذَا لِمَنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى مُقْتَضَى سَبَبِهِ ظَاهِرٌ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ تَغْيِيرِ الْوَصِيَّةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي صِفَةِ تَغْيِيرِ الْوَصِيَّةِ) وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: الزِّيَادَةُ فِيهَا، وَالثَّانِي: النَّقْصُ مِنْهَا وَالثَّالِثُ إبْطَالُهَا جُمْلَةً فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِيهَا فَإِنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَزِيدَ فِي وَصِيَّتِهِ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَزِيدَ فِي وَصِيَّتِهِ لِلْمُوصَى لَهُ أَوَّلًا، فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَوْصَى بِأُخْرَى عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأُولَى فَإِنَّهُمَا جَائِزَتَانِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ مِثْلَ الْأُولَى، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ أَقَلَّ عَدَدًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ لَهُ أَكْثَرَ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِخَمْسَةٍ فَلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ أَوَّلًا بِخَمْسَةٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُ عَشَرَةٍ، وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ فِي عَقْدَيْنِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ هَاتَيْنِ وَصِيَّتَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَكَانَ لَهُ أَكْثَرُهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُولَى أَقَلَّ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا بَدَأَ بِالْأَقَلِّ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الزِّيَادَةَ فِي وَصِيَّتِهِ وَقَدْ أَعْمَلَ الْوَصِيَّتَيْنِ وَإِذَا بَدَأَ بِالْأَكْثَرِ ثُمَّ أَوْصَى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ جَمْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَفِيهِ إعْمَالُ الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهُ أَوَّلَاهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ لَكِنَّا قَدْ أَلْغَيْنَا الْأَخِيرَةَ وَهِيَ أَحَقُّ بِالْإِثْبَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا لَهُ أَكْثَرُ الْعَدَدَيْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ فِي كِتَابَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَكْثَرُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَإِنْ سَمَّى لَهُ أَوَّلًا عَدَدًا ثُمَّ سَمَّى لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهُ الْأَكْثَرُ وَإِنْ سَمَّى لَهُ فِي الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَهُ الْعَدَدُ إنْ قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا بَدَأَ فِي كِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>