للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَاحِدٍ بِخَمْسَةٍ ثُمَّ ثَنَّى بِعَشَرَةٍ جَازَ أَنْ يُقَالَ عَشَرَةٌ مِنْهَا الْأُولَى، وَلَوْ قَالَ أَوَّلًا عَشَرَةٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا خَمْسَةٌ مِنْهَا الْعَشَرَةُ الْأُولَى وَسَوَّى ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالْكِتَابَيْنِ وَجَعَلَ لَهُ الْأَكْثَرَ بَدَأَ بِالْأَقَلِّ، أَوْ الْأَكْثَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَعَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ تَجْرِي الْوَصِيَّتَانِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي تُكَالُ وَتُوزَنُ، أَوْ لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ وَالْحَيَوَانِ وَالدُّورِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَأَمَّا الْعُرُوض فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ تَفَاضَلَ ذَلِكَ، أَوْ تَسَاوَى كَانَا فِي كِتَابٍ، أَوْ كِتَابَيْنِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا وَصِيَّتَانِ مُتَمَاثِلَتَانِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ التَّمَاثُلَ فِي الْعُرُوضِ مَعْدُومٌ، وَلِذَلِكَ يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا كَالْمُخْتَلِفِينَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنْ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ مُتَمَاثِلَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأَفْرَاسُ وَالْإِبِلُ وَالْعَبِيدُ، وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمَا مُتَمَاثِلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَمَاثِلَيْنِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ، وَكَذَلِكَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالسَّبَائِكُ مِنْ الْفِضَّةِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُمَا صِنْفٌ وَاحِدٌ يُرِيدُ فِي الزَّكَاةِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَمَاثِلَيْنِ فِي الصُّورَةِ وَالْقِيمَةِ وَهُمَا جِنْسَانِ، وَلِذَلِكَ جَازَ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا.

(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا: إنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ مُتَمَاثِلَانِ فَأَوْصَى لَهُ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِدَرَاهِمَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ بِالصَّرْفِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى بِعَدَدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْعَدَدِ مِثْلُ أَنْ يُوصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ يُوصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَإِنَّ لَهُ الْعَدَدَيْنِ جَمِيعًا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مَعُونَتِهِ أَنَّ الْوَصِيَّتَيْنِ إذَا كَانَتَا مُتَمَاثِلَتَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ فَإِنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ تَكْرَارًا، أَوْ تَأْكِيدًا وَهُوَ يَنْحُو إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ مَا أَوْصَى بِهِ مُعَيَّنًا كَعَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ آخَرَ بِعَيْنِهِ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يَمْنَعُ أَنْ يُرِيدَ بِالْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى فَوَجَبَ أَنْ يَجْمَعَا لَهُ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ مُقْتَضَاهَا فَيَلْزَمُ إنْفَاذُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ رُجُوعٌ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ لَهُ الْوَصِيَّتَيْنِ جَمِيعًا مُعَيَّنَتَيْنِ كَانَتَا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي كِتَابَيْنِ بَدَأَ بِالْأَقَلِّ، أَوْ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ وَالِاسْمِ يَمْنَعُ أَنْ يُرِيدَ بِالثَّانِيَةِ الْأُولَى فَلَزِمَ أَنْ تُحْمَلَ الْوَصِيَّتَانِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَهُمَا لَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثَيْ مَالِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثٍ يُحَاصُّ بِالْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فِي اللَّفْظِ وَالْجِنْسِ فَكَانَ لَهُ أَكْثَرُهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِخَمْسَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثٍ ثُمَّ أَوْصَى بِثُلُثٍ آخَرَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُحَاصُّ بِثُلُثٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا ثَلَاثٌ كَالدَّنَانِيرِ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا وَكَانَ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنْ يُحَاصِصَ بِالثُّلُثَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كَوْنَهُ مَمْنُوعًا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ يَقْتَضِي حَمْلَ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْأُولَى وَلِاتِّفَاقِهِمَا فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مَعَ كَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى لَفْظِ الْأَوَّلِ كَثُرَ مَالُهُ، أَوْ قَلَّ وَهُوَ بِخِلَافِ مَنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ الْمَالُ فَيَكُونُ لِلْعَدَدِ الْبَاقِي مَحَلٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ، أَوْ بِعِدَّةِ دَنَانِيرَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُحَاصُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>