للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

بِالثُّلُثِ وَبِعَدَدِ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَبْدِ يُرِيدُ قِيمَتَهُ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنَّ مَالَهُ عَيْنٌ كُلُّهُ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْرِبُ لَهُ بِأَكْثَرِ الْوَصِيَّتَيْنِ مِنْ الْعَدَدِ وَالثُّلُثِ قَالَ أَصْبَغُ: وَفِيهَا شَيْءٌ وَلَهَا تَفْسِيرٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ وَبِعَدَدِ دَنَانِيرَ مُخْتَلِفَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَجْمَعَا لِلْمُوصَى لَهُ كَالْوَصِيَّةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالْعَبْدِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ مَالَهُمَا إلَى جِنْسٍ وَاحِدٍ مُتَمَاثِلٍ فِي النَّوْعِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الَّذِي يُحَاصِصُ بِالثُّلُثِ وَبِعَدَدِ الدَّنَانِيرِ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ عَيْنًا، وَلِذَلِكَ جَعَلَ الثُّلُثَ مِنْ جِنْسِ عَدَدِ الدَّنَانِيرِ فَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُحْمَلُ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ تُجْمَعُ لَهُ الْوَصِيَّتَانِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ عَيْنٌ وَعَرَضٌ وَلَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ الْوَصِيَّتَانِ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ عَيْنٌ وَعَرَضٌ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ يُقْضَى لَهُ بِأَكْثَرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ عَيْنٌ كُلُّهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا كُلُّهُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يُعْطَى الْوَصِيَّتَيْنِ إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا مَعَهُ وَصَايَا ضَرَبَ بِالثُّلُثِ وَبِالْعَدَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَصَايَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثُّلُثَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدَدَيْنِ مِنْ جِنْسِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ عَرَضٌ وَالْعَدَدُ عَيْنٌ فَلِذَلِكَ جُمِعَا لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ نَاضٌّ وَعَرَضٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ يُضْرَبُ لَهُ بِثُلُثِ الْعَرَضِ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْعَدَدِ الْمُوصَى بِهِ وَمِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّ ثُلُثَ الْعُرُوضِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْعَيْنِ فَلَهُ ثُلُثُ الْعُرُوضِ وَثُلُثُ الْعَيْنِ مِنْ جِنْسِ الْعَدَدِ فَكَانَ لَهُ أَكْثَرُهُمَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ تَغْيِيرِ الْوَصِيَّةِ بِالزِّيَادَةِ فِيهَا، وَأَمَّا حُكْمُهَا بِالنَّقْصِ مِنْهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ عَلَى النَّقْصِ مِنْهَا، أَوْ يُوصَى بِبَعْضِهَا لِغَيْرِهِ فَأَمَّا النَّصُّ عَلَى النَّقْصِ مِنْهَا، فَمِثْلُ أَنْ يُوصَى لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ يَقُولُ: رُدُّوهَا إلَى ثَمَانِيَةٍ أَوْ اجْعَلُوهَا لَهُ ثَمَانِيَةً، أَوْ نَسَخْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِالْعَشَرَةِ وَأَنَا أُوصِي لَهُ الْآنَ بِثَمَانِيَةٍ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا أَقَرَّهُ آخِرًا، وَأَمَّا تَغْيِيرُ الْوَصِيَّةِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ دُونَ غَيْرِهَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَل فِي الْعَيْن الْمُوصَى بِهَا مَا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا فِي مَالِهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْن الْقَاسِم، وَأَمَّا أَشْهَبُ فَإِنَّهُ يُرَاعِي الْأَسْمَاءَ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَزِيرَةٍ ثُمَّ لَتَّهَا بِعَسَلٍ، أَوْ سَمْنٍ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ ثُمَّ عَلَّمَهُ الْكِتَابَ وَرَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ فِيمَا كَانَ أَوْصَى لَهُ وَالزِّيَادَةُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ لَا سِيَّمَا مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ الَّذِي عُلِّقَتْ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: يَكُونُ الْوَرَثَةُ شُرَكَاءَ بِقَدْرِ اللِّتَاتِ، وَكَذَلِكَ صَبْغُ الثَّوْبِ وَبِنَاءُ الدَّارِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ الثَّوْبُ يَصْبُغُهُ لِلْمُوصَى لَهُ قَالَ أَشْهَبُ، وَكَذَلِكَ لَوْ غَسَلَهُ، أَوْ كَانَتْ دَارًا فَجَصَّصَهَا، أَوْ زَادَ فِيهَا بِنَاءً وَأَوْصَى لَهُ بِسَوِيقٍ ثُمَّ لَتَّهُ وَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ وَصِيَّةٌ بِالصَّبْغِ وَالسَّمْنِ فَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ مُوصًى بِهِ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهِ مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ كَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ ثُمَّ آجَرَهُ، أَوْ رَهَنَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِرُجُوعٍ وَيُفْدَى الرَّهْنُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِاسْمَ بَاقٍ وَصُورَةَ الْمُوصِي بِهِ بَاقِيَةٌ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، قَالَ أَشْهَبُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ثُمَّ صَارَ لَهُ بِابْتِيَاعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ فَالْوَصِيَّةُ فِيهِ نَافِذَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَاعَى فِي الْمُوصَى بِهِ حَالُهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ بِمَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>