للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا جَاءَ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ فِي الْقَتْلِ (ص) : (يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا عَلَى أُصْبُعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنَزَا مِنْهَا فَمَاتَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلَّذِي اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَتَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا فَأَبَوْا، وَتَحَرَّجُوا، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ أَتَحْلِفُونَ أَنْتُمْ فَأَبَوْا فَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ قَالَ مَالِكٌ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَرَبِيعَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانُوا يَقُولُونَ دِيَةُ الْخَطَإِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا قَوَدَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ، وَأَنَّ عَمْدَهُمْ خَطَأٌ مَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ وَيَبْلُغُوا الْحُلُمَ، وَإِنَّ قَتْلَ الصَّبِيِّ

ــ

[المنتقى]

الْحُرِّ لِنَقْصِ الْمَقْتُولِ بِالرِّقِّ عَنْ مُسَاوَاةِ الْحُرِّ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ فِي الْقِصَاصِ إنَّمَا هُوَ لِمَعْنًى فِي الْقَاتِلِ لَا لِمَعْنًى فِي الْقَتِيلِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَتَلَ حُرًّا عَبْدٌ وَحُرٌّ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ مُسَاوٍ لِلْمَقْتُولِ، وَالْعَبْدَ أَدْوَنُ رُتْبَةً مِنْ الْحُرِّ فَيُقْتَلُ بِالْحُرِّ، وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[مَا جَاءَ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ فِي الْقَتْلِ]

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ رَجُلًا سَعْدِيًّا وَطِئَ بِفَرَسِهِ عَلَى أُصْبُعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ فَنَزَا مِنْهَا يُرِيدُ نَزَا مِنْهَا الدَّمُ وَتَزَايَدَتْ فَمَاتَ الْجُهَنِيُّ فَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السَّعْدِيِّينَ أَنْ يَحْلِفُوا مَا مَاتَ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَسَامَةِ إلَّا أَنَّ عُمَرَ رَأَى أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْأَيْمَانِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ وَظَاهِرُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي يَرَى هُوَ، وَيُفْتِي بِهِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعُونَ؛ لِأَنَّ جَنْبَتَهُمْ أَظْهَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(فَصْلٌ) :

وَلَمَّا أَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، وَالْمُدَّعُونَ مِنْ الْأَيْمَانِ، وَتَحَرَّجُوا قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ، يُرِيدُ أَنَّهُ أَصْلَحَ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا فَسَمَّاهُ قَضَاءً بِمَا يُوجَدُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَنَكَّلُوا فَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُمْ يُحْبَسُونَ حَتَّى يَحْلِفُوا فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُمْ خُلُّوا، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُمْ بِالنُّكُولِ وَأَبُو حَنِيفَةَ الَّذِي يَقُولُ يَبْدَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْيَمِينِ، وَلَا يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا يُرِيدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَبْدِئَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَالْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ بِنِصْفِ الدِّيَةِ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ فَقَضَى عُمَرُ عَلَى السَّعْدِيِّينَ بِنِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ قَضَى بِهِ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي ذَلِكَ بِرِضَاهُمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَرَبِيعَةَ كَانُوا يَقُولُونَ دِيَةُ الْخَطَإِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضِ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ سِنٌّ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ كَالْفِصْلَانِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ دِيَةَ الْجِرَاحِ خَطَأً عَلَى هَذَا مُخَمَّسَةٌ أَيْضًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَإِنْ كَانَ جُرْحًا عَقْلُهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ كَالْأُنْمُلَةِ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي هَذِهِ الْأَسْنَانِ الْخَمْسَةِ فَفِي الْأُنْمُلَةِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثٌ مُخَمَّسَةٌ ثُلُثُ بَعِيرٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ يَكُونُ فِيهِ شَرِيكًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>